برّان برس - وحدة التقارير:
في 6 يونيو/حزيران الجاري، أعلنت جماعة الحوثي المصنفة عالميًا على قوائم الإرهاب، عن تنفيذها عمليتين مشتركتين مع ما وصفته بـ“المقاومة الإسلامية العراقية” استهدفتا “ميناء حيفا“ في إسرائيل، بعدد من الطائرات المسيّرة.
وزعم المتحدث العسكري للجماعة يحيى سريع، حينها، أن العملية الأولى “استهدفت سفينتين كانتا تحملان معدات عسكرية في ميناء حيفا“. فيما الثانية “استهدفت سفينة انتهكت قرار حظر الدخول إلى ميناء حيفا في فلسطين المحتلة“.
وبالتزامن، اعتبر عبدالملك الحوثي، زعيم جماعة الحوثيين المصنفة عالميًا على قوائم الإرهاب، أن هذه العملية ستقدم “نموذجاً للتعاون بين أبناء الإسلام وعملياتهم المشتركة، وسيكون لها تأثيرها على الأعداء في المرحلة الرابعة من التصعيد ضد العدو الأمريكي البريطاني الإسرائيلي”، وفق ما نقلته وكالة “سبأ” النسخة الخاضعة للجماعة.
دعاية وغباء
وحول هذا التطور وتأثيره على ملف السلام في اليمن والمنطقة، قال الخبير والمحلل العسكري العميد عبدالرحمن الربيعي، إن “الحديث عن تنفيذ عملية مزدوجة من قبل الحوثيين والمقاومة بالعراق ضد إسرائيل محض افتراء وهراء دعائي ليس إلا وفي نفس الوقت غباء حتى على مستوى صناعة الكذب“.
وأضاف في حديثه لـ“بران برس”: من الناحية النظرية والعملية يستحيل ذلك وغير ممكن لكن في حالة حدوث عمل مشترك فكلًا سيعمل منفرداً من حيث التوقيت واتخاذ القرار وأيضاً اختيار الهدف والوسيلة التي يملكها”.
ووفق “الربيعي“، فإن هذا الإعلان جرى من قبل الحوثيين فقط ولم تؤكده أي جماعة عراقية، وهو ما يعتبر- بحسبه- نوع من الدعاية ولفت الأنظار”. مؤكدًا أن “هذه الضربة التي يدعي الحوثيين تنفيذها بالتعاون مع شيعة العراق لم تحدث أصلا ولم تشر إليها أي مصادر إعلامية البتة وكلها كما قلنا نوع من الدعاية ولفت الأنظار فقط“.
وقال إن الحوثيين وأذرع إيران في المنطقة تعمل معًا وبتنسيق مشترك. موضحًا أن إيران تريد من وراء ذلك إظهار هذه الجماعات بأنها تملك نفس القدرات العسكرية وأن إسرائيل واقعة تحت خط النار من كل الجهات”.
وعن السلام في اليمن، قال “الربيعي” إنه لا يوجد “أي عملية سلام باليمن إطلاقاً وما يجري ليس سوى رؤى وأفكار لمشروع خارطة طريق للسلام“.
وقال إنه “كانت هناك آمال ومؤشرات على الوصول إلى تلك الخارطة لكن تسارع الأحداث بدءاً من تهديد الملاحة البحرية بالبحر الأحمر حال دون الوصول إلى نقاط يمكن البناء عليها.
وأضاف أن “تململ الحوثيين من عدم التوقيع على تلك الخارطة واشتراطاتهم المتلاحقة التي كانوا يسعون للحصول عليها حال دون إحراز أي تقدم بمسار السلام”.
ولهذا، يقول ”الربيعي”: لا نستطيع القول بأن ادعاء الحوثيين توجيه ضربات منسقة وبتعاون مشترك بينهم والفصائل المسلحة الموالية لإيران بالعراق سواء حدث ذلك أم لم يحدث فإن هذا لا يمت إطلاقاً بخارطة الطريق للسلام باليمن”.
وأكد أن الحوثيين يسعون من وراء هذا الإعلان للتأكيد على أنهم ليسوا الوحيدون بمواجهة إسرائيل وأمريكا وبريطانيا- كما يدعون- بل إن وحدت الساحات الموالية لإيران بالدول العربية الأربع تعمل وفق أجندة تعاون وتنسيق مشترك ليس على المستوى السياسي فقط إلى مستوى أكبر وأهم وهو العمل العسكري المشترك.
وقال: نعيد ونؤكد أن ذلك ليس له علاقة بالعملية السياسية باليمن لأن طبيعة المرحلة الآن ومع تطور الأحداث والإجراءات التي اتخذتها الحكومة الشرعية بالجانب الاقتصادي ضربت الحوثيين بمقتل.
ويضاف إلى ذلك “تغيير الموقف الدولي بصورة كبيرة وواضحة لصالح الشرعية وضد الحوثيين هذه كلها جعلت خارطة الطريق في حالة موت سريري“.
تطويق الخليج
من جانبه، قال رئيس مركز واشنطن للدراسات عبدالصمد الفقيه، إن تشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم الحشد الشعبي في العراق والحوثيين في اليمن “يعني أن الولاء لإيران من هذه الجماعات وأنها تتحرك بمنظور إيراني وليست بمعزل عن الأم (ايران)”.
ووفق الفقيه، فإن هذه الجماعات تحاول دائمًا أن تظهر أنها مستقلة لكن من خلال التنسيقات يظهر أنهم يعلنون الولاء لإيران.
وأضاف أن أذع إيران في المنطقة والتي تسعى لتحقيق أهداف إيران الرئيسية والاستراتيجية هي حزب الله في لبنان والحشد الشعب في العراق، وجماعة الأسد العلويين في سوريا والحوثيين في اليمن. مضيفًا أن هذه الجماعات التي أصبحت بارزة وأصبحت لها كيانات مسلحة وميليشيات. معتبرًا هذا التنسيق “يثبت نظرية الولاء الكامل لإيران”.
وبالنسبة للهدف من تكوين هذا، يقول الفقيه، إن “غزه مجرد غطاء أو شماعه تعلق عليها هذه التنسيقات والهدف غير ذلك وأكبر بكثير”.
والهدف الرئيس للتنسيق، وفق الفقيه، “هو تطويق الخليج بحيث أن الحشد الشعبي في الشمال والحوثيين في الجنوب”. إضافة إلى “أهداف أخري تسعى إليها مستقبلًا سواء استمرت الحرب في غزة أو توقفت”.
وعن تأثيرات هذا التنسيق، أوضح الفقية، أنه بالنسبة لموضوع السلام فالتأثير سلبي.
وعلى أية حال، يقول إن “موضوع السلام مع الحوثي ليس أمرًا هينًا، ولن يتم بمجرد اللقاءات والتوقيعات“.
وأضاف أن “السلام لن يتم مع هذه الجماعات إلا بالضغط سواء ضغط عسكري أو سياسي أو اقتصادي يعني يجعل هذه الجماعات ترضخ للاتفاقات أو على الأقل الأشياء التي قامت هي بذاتها بتوقيعها“.
وقال إن مثل هذه التنسيقات أيضًا ستؤثر سلبًا على إمكانية أن يكون هناك سلام مع أن هناك صعوبة شديدة على أن يكون هناك سلام مع مثل هذه الجماعات”. لافتًا إلى “التجارب كثيرة والموضوع مر عليه عشرات السنين ولم يتم تنفيذ أي من الاتفاقات الموقع عليها“.
ووفق الفقيه، فإن “وجود هذه التنسيقات لها أبعاد سيئة جدًا على المنطقة بشكل عام؛ لأنها تجر المنطقة إلى العنف واستمرارية الحروب في ظل انهاك كامل للدول التي تتواجد فيها هذه الميليشيات... لأنها تقوم أصلا على العنف ونبذ الآخر وعدم قبول الآخر بشكل مطلق، وهذا سبب رئيس في أن المنطقة تتوجه نحو العنف والحروب والصراع”.
وجدد الباحث الفقيه، التأكيد على أن تحركات هذه الجماعات في موضوع غزة ليس إلا للسيطرة أكثر على البلد التي يتواجدون فيها، وغزة ليست إلا ذريعة للتغطية على هذه التحركات ولتحسين صورتها وهروبها من الأزمات الداخلية. فهذه الجماعات، وفق الفقيه، “لا تلبي احتياجات ومتطلبات والتزامات الأماكن التي تسيطر عليها من خدمات وبناء ومشاريع وغيرها فهي تتهرب بمثل هذه الحجج“.
وأكد، في ختام حديثه، أن هذه الجماعات “لا يمكن أن تكون يومًا من الأيام مناصرة لقضايا إنسانية وقضايا حقوقية لأن ما تقوم به هو انتهاك أشد من الشيء الذي تذهب للدفاع عنه”.