|    [email protected]

الحوثيون يبعثون أول رسالة للجزائر بعد امتناعها عن التصويت على قرار مجلس الأمن.. ما وراء ذلك؟ (تقرير)

السبت 29 يونيو 2024 |منذ يومين
رسالة الحوثيين وامتناع الجزائر عن التصويت على قرار مجلس الأمن - برّان برس

تقرير خاص أعده لـ“برّان برس” - عمار زعبل:

الخميس الماضي، 27 يونيو/ حزيران 2024، اعتمد مجلس الأمن الدولي، قرارًا يجدد فيه مطالبته لجماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب، بالكف فورًا عن جميع الهجمات ضد سفن النقل والسفن التجارية في البحر الأحمر.

وحظي القرار، الذي حمل الرقم 2739، وقدمت مشروعه الولايات المتحدة واليابان، بتأييد 12 عضوًا، في حين امتنعت الجزائر والصين وروسيا عن التصويت عليه.

وأوضح الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، في كلمته تعليقاً على القرار، أن “تصويت بلاده على مشروع القرار الحالي يتوافق مع امتناعها عن التصويت على القرار السابق”، مؤكداً “الضرورة القصوى لمعالجة الأسباب الجذرية للتوتر الراهن في البحر الأحمر والمنطقة بأسرها”، وفق بيان نشرته الأمم المتحدة على موقعها الرسمي.

وفي 10 يناير/ كانون الثاني 2024، اعتمد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2722، الذي صاغته الولايات المتحدة واليابان، وطالب الحوثيين بالتوقف عن مهاجمة سفن الشحن المارة في البحر الأحمر. واعتمد القرار بأغلبية 11 عضواً، وامتناع 4 أعضاء عن التصويت وهي: الجزائر، وروسيا، والصين، وموزمبيق.

وبعد يومين من القرار الجديد، والذي تكرر فيه موقف الجزائر، أفادت جماعة الحوثي المصنفة دولياً في قوائم الإرهاب، بأن وزير الخارجية في حكومتها غير المعترف بها دولياً، هشام شرف، بعث رسالة خطية إلى وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الخارج بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية “أحمد عطاف”.

ووفق وكالة الأنباء اليمنية سبأ (النسخة الخاضعة للحوثيين)، فقد عبرت رسالة “شرف”، عن تقدير الجماعة للموقف “المبدئي للجمهورية الجزائرية الرافض للعدوان العسكري والحصار الشامل المفروض على اليمن”، في إشارة إلى امتناع الجزائر عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الذي يطالب الجماعة بوقف هجماتها على السفن التجارية في البحر الأحمر.

محاولة انتزاع اعتراف

وتعليقاً على موقف الجزائر ومبادرة الجماعة الحوثية لفتح تواصل معها، يرى الخبير والمحلل العسكري الدكتور علي الذهب، أن “امتناع الجمهورية الجزائرية عن التصويت للقرار الأمريكي في مجلس الأمن، نابع من قناعتها بأن ما يقوم به الحوثيون في البحر الأحمر، له ارتباط وثيق بما يجري في فلسطين المحتلة من عدوان غاشم من قبل العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين”.

وبرأي “الذهب” في حديثه لـ“بران برس” فإن ذلك "لا يعني أنه رضا تام أو قبول من الجزائر بالحوثيين بوصفهم سلطة قانونية يمكن التعامل معها، مشيراً إلى أن الجزائر لها علاقة سياسية ودبلوماسية مع اليمن، أو الحكومة اليمنية (الشرعية والمعترف بها دولياً) كونها الممثل الشرعي لليمن، فهناك سفير يمني لدى الجزائر والعكس”.

وعن رسالة التقدير التي بعثها الحوثيون لوزير خارجية الجزائر، أوضح “الذهب”، أنها “محاول لاستغلال الموقف في مجلس الأمن والبناء عليه من أجل انتزاع اعتراف من نوع ما“.

وحول مدى تحقيق هدفها، قال الذهب: “لا أعتقد أنهم سيحققون شيئاً في هذا الاتجاه”، موضحًا أن “للجزائر تشابكاً للمصالح مع دول كروسيا والصين وأن موقفها كان على هذا الأساس”.

وقال الذهب، إنه “سبق ونبه رئيس الحكومة اليمنية الحالي، أحمد عوض بن مبارك، حينما كان وزيراً للخارجية، بضرورة التخاطب مع الجزائر، كونها عضوة غير دائمة في مجلس الأمن، مع تعزيز العلاقة معها على كل المستويات لتكون بديلاً إيجابياً أفضل من الإمارات في مجلس الأمن، كي تدعم القضية اليمنية”.

وأضاف أن "الحكومة أو وزارة الخارجية على وجه الخصوص لم تعط هذا الجانب اهتماماً، على الرغم من أن مصلحة الحكومة اليمنية التخاطب مع أي حكومة تحقق مصالح اليمن”.

وعن حسابات المصالح قال “الذهب”، إن “الجزائر لمصالحها حساباتها أقوى تجاه روسيا والصين، من الحكومة اليمنية، أولاً كون الموقف الجزائري يرتبط ارتباطاً كبيراً بالقضية الفلسطينية على مدى عمر الجمهورية الجزائرية”. 

وأضاف أن ما أبداه العرب من “مواقف سلبية” تجاه القضية الفلسطينية، جعل الجزائر “لا تنساق في هذا الاتجاه، وأقله أن لا تقف مع أمريكا في إدانة ما يقوم به الحوثيون من مهاجمة بعض السفن التي يزعمون أنها التي تدعم إسرائيل أو الدول الغربية التي تقف معها في عدوانها على غزة”.

استغلال القضية للخروج من العزلة

من جانبه، يرى الباحث اليمني ورئيس مركز أبعاد للدراسات، عبدالسلام محمد، رسالة الحوثيين للجزائر، تأتي “من باب أن الأخيرة حليفة لإيران، والذي يعد الحوثيون أحد أذرعها في المنطقة”.

وعن أهداف الحوثيين من هذا، قال الباحث “عبدالسلام” لـ“بران برس” إن جماعة الحوثي “تريد التواصل مع الجزائر للخروج من حالة العزلة”، مضيفًا أنها حاليًا “تستغل القضية الفلسطينية لتدويل جرائمها وحروبها من استهداف اليمنيين إلى استهداف الأمن الإقليمي والدولي”.

وأضاف أن الحوثيين يريدون أيضًا التفاوض مع الإقليم والمجتمع الدولي “بشكل أعلى من المستوى الحالي، وأيضاً حتى يكون اليمن لهم هدية مقابل تخفيض التصعيد في البحر الأحمر وغيره”.

وبرأيه فإن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر “محاولة لبناء استراتيجية جديدة لاستهداف دول القرن الإفريقي، ودول الخليج ودول الجوار بكلها”.

وكان الباحث “عبدالسلام محمد” قد انتقد في تدوينة سابقة بحسابه على منصة “اكس” قرار مجلس الأمن الأخير 2379، وقال إنه “ليس فيه إدانة لهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر”، منتقدًا ما أسماه “اللغة الباردة” التي تضمنها القرار لحث الحوثيين التوقف عن أعمالهم، وامتناع دول عن التصويت على أفعال ميلشيا.

وقال إن لغة القرار “لا تشجع الحوثيين فقط على التصعيد، بل تشعرهم أنهم قوة عظمى ندا للولايات المتحدة وبريطانيا”. معبرًا عن أسفه لأن “موسكو وبكين تناست علاقتهما مع الحكومة اليمنية ودول الخليج في اتخاذ خطوة دعم الميلشيا بالامتناع عن التصويت على قرار هزيل يدعو لضبط النفس ولم يسمح بالتعامل العسكري أو حتى يجرم هجمات الحوثيين”.
 
ومنذ نوفمبر/تشرين الأول الماضي، تشن جماعة الحوثي هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة تجاه سفن الشحن التجارية في البحر الأحمر، أدت إلى زيادة تكاليف التأمين البحري، ودفعت العديد من شركات الشحن إلى تفضيل الممر الأطول بكثير حول الطرف الجنوبي للقارة الأفريقية.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، شكلت الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الرئيس لإسرائيل، تحالفًا متعدد الجنسيات، لحماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الجماعة المصنفة في قوائم الإرهاب، في حين تنفذ القوات الأمريكية، بين الحين والأخر ضربات ضد أهداف عسكرية تابعة للحوثيين.

نشر :

مواضيع ذات صلة