برّان برس - وحدة الرصد:
أعلنت جماعة الحوثي المدعومة إيرانيًا والمصنفة دوليًا في قوائم الإرهاب، السبت المنصرم 10 أغسطس/آب 2024م، تشكيلة حكومتها الجديدة (غير المعترف بها) بعد ما يقارب من 11 شهراً من إقالة حكومة الإنقلاب برئاسة "عبدالعزيز بن حبتور" بتهم الفساد وتحت لائحة التغييرات الجذرية.
وأوردت النسخة الحوثية من وكالة الأنباء اليمنية سبأ، قرارًا أصدره رئيس ما يسمى بـ“المجلس السياسي الأعلى”، التابع للحوثيين، مهدي المشاط، قضى بتكليف “أحمد غالب ناصر الرهوي” بتشكيل حكومة للجماعة في صنعاء (غير معترف بها)، أطلق عليها اسم "حكومة التغيير والبناء".
ومع أن تشكيلة الحكومة الجديدة، التي كلفت الجماعة بتشكيلها القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام "الرهوي" والمنحدر من المحافظات الجنوبية، غدت مثاراً للنقد والتندر والتهكم في منشورات وتعليقات اليمنيين من مختلف التوجهات والمشارب السياسية، إلا أنها أظهرت كيف تمت قراءة تلك الحكومة، وفي هذا التوقيت.
سلالية الحوثيين
"برّان برس" رصد جزءاً من تلك التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تناولت تشكيل الحوثيين لحكومتهم الجديدة، إذ رأى الكثير أنها أظهرت “سلالية الجماعة من خلال أن أغلب التشكيلة الحكومية من الأسر الهاشمية".
السفير السابق "عبدالناصر المودع"، قال إن "نظام علي عبدالله صالح، الذي كان يعتبر نظاماً فاسداً، وضع الأقارب واصحاب البلاد في مراكز حساسة مثل الجيش والأمن بشكل تدريجي وخلال مراحل زمنية طويلة، غير أنه لم يضعهم في المناصب المدنية إلا فيما ندر".
وأضاف في منشور له على صفحته في "فيسبوك": "سلطة المسيرة الشيطانية خصصت المناصب الكبيرة والصغيرة للسلالة بشكل فج وقبيح ودون أي خجل".
“المودع” تابع بالقول: "أكثر من نصف وزراء حكومة المسيرة الشيطانية خصصت للسلالة، رغم أن الوزراء من خارج السلالة لا يهشوا ولا ينشوا ويحكمهم المشرفين" مضيفاً "وقاحة وصلف لا حدود لها وهذا أمر إيجابي لأنه يكشف ذهنية المسيرة الشيطانية العنصرية وقباحتها، والتي تساهم في زوالها الحتمي قريبا".
من جهته كتب الناشط السياسي "محمد مهدي" ساخراً: "حكومة القمل غير المعترف كلها من سلالة بني هاشم، في واحدة من صور العنصرية، التي يمارسها الحوثي في مناطق سيطرته".
وأضاف "وبالمناسبة، محمد مفتاح، هو رئيس الوزراء الحقيقي لهذه الحكومة والرهوي واجهة ليس إلا، ومن لا يعرف محمد مفتاح فهو المرتبط بالمخابرات الإيرانية وهي من دعمت له حزب الأمه المدعوم إيرانياً وبوجود مفتاح تستكمل الحوثية الهوية العقائدية والسلالية العنصرية معاً".
أما رئيس الهيئة العامة للكتاب "يحيى الثلايا"، قال إن (ثلثي) تشكيلة حكومة الحوثي هم من (أبناء السلالة)، حتى الصحف الدولية (في إشارة إلى تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط)، صارت “تدرك طبيعة مشكلة اليمنيين مع عيال الرسي وبدأ العالم معنا يفرز الألقاب والوظائف الحوثية وفق المشجر الذي حشروا أنفسهم به".
وأضاف في تدوينته: "طبعا هذا الفرز هو الأهم أما مشروعية سلطته كأمر واقع فمحصورة بين الازرقين وحزيز، حتى ضحيان ذاتها لا تعترف بمفتاح وقحيم والرهوي وتدرك أنهم ديكورات".
تأكيد التبعية لإيران
إلى ذلك، يرى عدد من اليمنيين أن الحكومة الحوثية وطريقة ظهورها “أكدت أكثر تبعية الحوثيين لإيران”، ومن هؤلاء السياسي "محمد المسوري"، الذي قال: "حكومة أقسمت بالولاء لإيران، وقدمت الولاء والطاعة لإيران، ومن أول يوم".
وأضاف مخاطباً أنصار الحوثيين: "فماذا تتوقعون منها يا معشر الأغبياء؟، حكومة وافقت على خلع ربطة العنق اقتداء بالنظام الإيراني وتوجيهاته، فهل تعتبرونها حكومة يمنية؟".
وواصل بالقول: "إنها حكومة إيرانية والشاهد الله وخلقه، الحوثي فارسي في كل شيء".
في هذا الاتجاه، كتب الصحافي "وليد جحزر "بدون ربطات عنق على الطريقة الإيرانية، آخر تقليعات عبيد طهران". وقال: "طبعا هم مش غلطانين احنا الي نستاهل، وكما قال شاعرنا العظيم البردوني يوما: ومؤمركون الى العظام لهم وجوه فارسية".
ومثله علّق الإعلامي، "مختار الفقيه"، الذي قال: "لبس الكرفتات على الطريقة الإيرانية ممنوعة على وزراء حكومة الحوثي.. من يتحكم في طريقة لبسك، ويجبرك على زي أسياده.. سيتحكم فيما يراه أهم من ذلك، حتى حرية اللبس، لا يملكونها".
النساء وطبقية "الحوثي"
موضوع آخر، لفت نظر المؤثرين اليمنيين، حيث إن تشكيلة حكومة الرهوي، تخلو من النساء، حيث قال الكاتب والمحلل السياسي "مصطفى ناجي" عن حكومة تشكيلة الحوثيين: “لا توجد امرأة واحدة ضمن الطاقم"، مضيفاً: "تشكيلة تعكس تصور الجماعة للبناء الطبقي في المجتمع، يمكن ان نقول عنها انها حكومة هواشم وصعداويين والبقية تحلية".
"مصطفى ناجي" في تعليقه يرى أن اختيار الحوثيين لوزراء من المحافظات الجنوبية، بأنه “ليس مؤشراً للوحدة الاجتماعية إنما أهداف الحوثي لاختراق بعض محافظات الجنوب وأولها أبين"، حد قوله.
قراءة أخرى
وفي مقال له، قرأ الناشط "محمد حاجب القاضي"، حكومة الحوثيين الجديدة من زوايا عدة، أولها الجانب التاريخي للإمامة، فقال: "دائما ما تتسلل الإمامة بين اليمنيين عبر، المشاكل بين الأطراف اليمنية المتصارعة، وإغراء الزعامات القبلية، والإقطاعية بالمناصب، وبالمكاسب المادية، والتنكيل بالمعارضين من هدم البيوت، والمزارع، ومصادرة الممتلكات، علاوة على السجن والقتل والتنكيل".
وأضاف: "هذه الوسائل الثلاث سنها لهم الإمام الهادي يحي الرسي الذي قدم إلى اليمن لإقامة خلافة إسلامية علوية، وإسقاط الخلافة العباسية".
وأردف: "كانت الخلافات والحروب على أشدها بين القبائل، والزعامات القبلية في ذلك الحين، بين الفطيميون والاكيليون في صعده، وبين الدعام زعيم بكيل والضحاك زعيم حاشد، وبين آل يعفر وبني طريف في صنعاء، وبين علي بن الفضل ومنصور ابن الحوشب زعماء الدعوة الإسماعيلية في ذلك الوقت".
وتابع بالقول: "وعلى الرغم من كل هذه الخلافات والحروب بين اليمنيين والتي حاول استغلالها الإمام الهادي غير أنه وبعد ١٤ عاماً من دخوله اليمن، مات ولم يستطع أن يحافظ إلا على صعدة وأجزاء من نجران بعد استخدامه القوة المفرطة ضد معارضيه، وهدم بيوت وقرى كاملة، وتخريب مزارع المعارضين، وتقطيع نخيلهم، وإرسال رؤوس المعارضين إلى نجران ليخضع أي حركة معارضة ضده فيما تبقى له من أحلامه في صعده ونجران".
وقال الناشط "القاضي": "اليمنيون بطبيعتهم أهل نزعة استقلالية من قديم الزمان، لا يمكن أن يقبلوا بمن يأتيهم بنظرية الاصطفاء وأنا خير منكم، ولذلك خرج أهل صنعاء بعد دخول الإمام الهادي إليها يتظاهرون ضده مرددين القول ''لن يحكمنا علويا'' وكلما دخل الإمام الهادي صنعاء مستغلا الخلافات بين الزعامات آنذاك، واستمالة أحدهم ضد الآخر حتى يصل صنعاء، أخرجوه منها حتى أصابه اليأس، وتحطمت احلامه في تأسيس دولة علوية باليمن إلى أن مات مسموما في منزله بصعدة".
وتابع قائلاً: "سار على نهجه ابناؤه، وأحفاده، وتبعهم العديد من الأئمة من أسر أخرى، وساروا على ما سار عليه، غير أن دولتهم العلوية التي أرادوها في اليمن، ومنه إلي كل العالم العربي، والإسلامي لم تتحقق أمام قوة وصلابة اليمنيين".
وتوصل في نهاية مقاله إلى إنه "مالم يتحقق للأئمة خلال ألف ومائة عام لن يتحقق لعبدالملك الحوثي اليوم حتى وإن استغل خلافات اليمنيين، وصراعاتهم فيما بينهم غير أنهم-اليمنيون-سرعان ما يتفقوا ليطيحوا بالإمام حتى وإن استقرت الأمور له لفترة بسيطة لكن نهايته حتمية على أيدي اليمنيون".
وقال: "ما عجز عن تحقيقه الإمام الهادي يحي الرسي لن يحققه عبدالملك الحوثي والتاريخ يشهد بذلك، يسير عبدالملك الحوثي اليوم على ما سار عليه أجداده في إخضاع اليمنيين، ونسير نحن على ما سار عليه أجدادنا في النزعة الاستقلالية ورفض الاستعلاء على اليمنيين بالنسب، والحق الإلهي المزعوم وبنفس الظروف التي تخلص فيها أجدادنا من أئمتهم سنتخلص نحن أيضا من عبدالملك الحوثي والتاريخ سيعيد نفسه".