|    English   |    [email protected]

درس لكل من تخلّى عن وطنه وعروبته.. كيف تفاعل اليمنيون والعرب مع مقتل “حسن نصر الله”؟

السبت 28 سبتمبر 2024 |منذ شهر
"حسن نصر الله" "حسن نصر الله"

بران برس- وحدة الرصد:

بعد صمت امتد لساعات، أعلن حزب الله اللبناني الموالي لإيران، مساء السبت 28 سبتمبر/ أيلول 2024، مقتل أمينه العام، حسن نصر الله، بالغارات التي شنتها الإحتلال الإسرائيلي على معاقل الحزب جنوب لبنان.

وجاء إعلان الحزب، بعد ساعات على تأكيد جيش الإحتلال الإسرائيلي، نجاح غاراته في اغتيال “نصرالله”، والتي نفذها مساء أمس الجمعة واستهدفت مقر قيادة الحزب، بحارة حريك، في الضاحية الجنوبية لبيروت.

ولاقت هذه الحادثة تفاعلاً كبيراً في الأوساط اليمنية والعربية، ففي حين عبر الكثير عن غضبهم تجاه العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية والشعب اللبناني إلا أن الكثير منهم استعرضوا ممارسات حزب الله بقيادة حسن نصر الله وتدخلاته الخشنة في الشؤون الداخلية للدولة العربية بما فيها سوريا والعراق واليمن.

بينما ذهبت آراء أخرى لمؤثرين تقرأ المشهد القادم في المنطقة، ومناقشة ما إذا كان لإيران دور في التفريط بذراعها الطولى، والتخلي عنه في عقر داره بلبنان.

تغيير المعادلة

الباحث أول في مركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي، قال إن “‏مقتل حسن نصر الله سيغير معادلات الشرق الأوسط بشكل جوهري، لكن سيبقي جزء منها لخدمة أجندات المرحلة المقبلة”.

وأضاف الدكتور مكي، وهو أستاذ دكتور في الإعلام والدعاية من جامعة بغداد، أن “نصر الله كان القائد الفعلي لجميع القوى خارج الدولة المرتبطة بإيران في المنطقة، وحزبه كان بيضة القبان المركزية للمشروع الإيراني”.

وقال: الآن، يبدو أن نصر الله لم يختف لوحده، بل ذهبت معه قيادات الحزب الأساسية، وبالتالي فالحزب ذاته صار في أضعف حالاته، بلا قائد ولا قيادات، في خضم معركة ضخمة، ومحاطًا ببيئة حاضنة مشردة وخائفة، وبمجتمع محلي أو اقليمي معادي أو متشكك، وبالتالي فنسب نجاته غير مؤكدة”.

حزب وظيفي ومصير مماثل

وعن بنية “حزب الله”، قال الباحث لقاء مكي، إنه “ليس تيارًا إيديولوجيًا مثل حركة حماس، بل هو حزب وظيفي، أسس لتحقيق أهداف تتعلق بالمشروع الإيراني، واتخذ من الولاء للولي الفقيه في طهران مذهبا علنيا، وكان تولي نصر الله زعامته عام ١٩٩٢ انتقالة مهمة في تاريخه، حيث نجح في تحويله لرقم صعب في المنطقة بأسرها”.

وأضاف: “اليوم هذا الحزب يتيم حرفياً بلا نصر الله، لكن أغلب الظن أنه لن يزول، ليس بسبب ما بقي من قوته، بل لأنه يراد له أن يبقى، ضعيفا وبلا مخالب”.

وتوقع أن “يبقى تأثير ذلك على بقية القوى المرتبطة بإيران في المنطقة”، مرجحًا أنه “سيتسبب بتراجع بوتها وتأثيرها، إن لم تتعرض أصلا لضربات من إسرائيل، وقد يكون مصيرها مماثلا لحزب الله. قوى موجودة لغرض الحشد الطائفي، والاحتراب الداخلي، دون تأثير على إسرائيل”.

جرح سوريا

من جانبه، أعاد “جمال سلطان”، رئيس تحرير صحيفة (المصريون)، نشر فيديو لطفل سوري يبكي ألمًا من جرائم النظام السوري وحليفه حسن نصر الله.

وقال تعليقًا على المشهد: “هل تذكرون الطفل السوري في الفيديو الشهير ـ ما زال في اليوتيوب ـ عندما بكى وهو يشتكي ما فعله به وبأهله جيش بشار وميليشيات حليفه حسن نصر الله، الذين قتلوا أسرته وهدموا بيته وشردوه ولم يتركوا له شيئا، وكانت آخر كلماته قبل موته "سأخبر الله بكل شيء"، مضيفاً "أتراك فعلتها يا صغيري؟!”.

وفي تدوينة أخرى انتقد الصحفي سلطان، “النخب” العربية الساخطة والمتعالية بدروسها “النضالية” للأمة عن “الأولويات”، و“مش وقته”، ونوحد الصف بمواجهة العدو.

وقال: السؤال الذي ينبغي طرحه على العقل والضمير: من الذي مزق الصف العربي الذي كان موحداً طوال تاريخه ضد العدو وموحداً وراء القضية الفلسطينية؟. مضيفًا: "من الذي أحدث هذا الانقسام المروع في وحدة الصف العربي ضد إسرائيل بصورة لم يسبق لها مثيل منذ بدأ الصراع؟”.

وتابع أسئلته قائلًا: من الذي جعل العداء بين السوري واللبناني أسوأ وأمر من العداء بين السوري والإسرائيلي؟ من الذي مزق وقسم وفتت شعوب العراق وسوريا واليمن ولبنان وجعل بأسهم بينهم وفجر بينهم سلسال الدم، وجعل تلك الدول جمهوريات للميليشيات والعصابات المسلحة؟".

وأردف: "من الذي جعل دول الخليج العربي التي كانت تشارك قبل ذلك في الحرب ضد العدو وتعاقب أمريكا نفسها بقطع النفط، تشعر للمرة الأولى أن هناك عدوا متربصا بها أسوأ من العدو الإسرائيلي نفسه؟ من الذي زرع كل تلك الكراهية وبراكين الثأر في قلوب ملايين السوريين وجعلهم يحتفلون بصخب لافت ويوزعون الحلوى أمس ابتهاجا بمقتل حسن نصر الله؟ هل تملكون شجاعة أن تشيروا إلى الفاعل؟!".

انتهت المهمة

وتطرقت العديد من الكتابات إلى بيان المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، الذي نعي فيه “نصر الله”، وقالوا إنه لم يتضمّن حرفًا واحدًا يشير إلى احتمال تدخل إيراني لإنقاذ ما تبقى من قوة المحور.

وتعليقًا على ذلك، قال السياسي الكويتي، ناصر الدويلة، إن “أمنيات علي خامنئي ومشاعره التي كانت أشبه بدموع التماسيح صادمه لكل محور المقاومة وجبهة التصدي ولفيلق القدس الذي ذهب قائده (طعوم جحاش)، كما يقول المثل السوري”.

وأضاف مخاطبًا الفصائل المسلحة الموالية لإيران في سوريا قائلًا: “يا شباب العرب ويا حزب الله ويا فيلق القدس ويا فاطميون وزينبيون وأنصار المهدي انتهت مهمتكم والمرشد باع من هو أعز منكم وأرجل”.

وطالب الأكاديمي الكويتي هذا الفصائل بالتوقف “عن العمل خنجراً في خاصرة الأمه، واتركوا بشار الخائن يلاقي مصيره من شعبه وإيران تنتظر قبض ثمنكم في أقرب فرصة”. 

وقال: “اتركوا سوريا لأهلها فلا المرشد صادق في محاربة إسرائيل، ولا الأسد وطني وعروبي ويحارب إسرائيل وستتقدم إسرائيل للقضاء على كل ما تبقى من حزب الله في لبنان وسوريا وسيعمل بشار شرطة عسكرية لتوجيه الأرتال الإسرائيلية لمدن الشام وانتهت القصة”.

بين السب والقتل

وفي إطار التفاعل اليمني، قال وزير الأوقاف والإرشاد في الحكومة اليمنية المعترف بها، محمد عيضة شبيبة: “‏مات حسن نصر الله!، مات وقد أشبع اليهود سبًا، وأَثخن في المسلمين قتلًا، كانت حنجرته ضد اليهود، بينما ارتوى خنجره من دماء المسلمين”.

وأضاف الوزير شبيبة، في تدوينة بحسابه على منصة تويتر: “مات وقد أخبرنا بعظمة لسانه وتباهى على الهواء مباشرة بأنه لن يذهب للقتال في القدس حتى يقاتل في القلمون، والزبداني، وحمص، وحلب، ودرعا، والسويداء، والحسكة”.

وتابع: “وحقًا صدق وهو كذوب، ففي هذه المدن العربية المسلمة سحق الأطفال وهتك الأعراض ودمر كل حيٍ وقصف كل قائم، وبشكل فظيع، ينمّ عن حقد كبير".

وتابع حديثه قائلًا: “توعد كما خطب بأنه قبل الذهاب للقدس سيذهب للقتال في العراق والبحرين واليمن وفعلا أرسل خلاياه وأسلحته ومدربيه ليزرع الفوضى ويدعم المليشيا ويقوي من بطش أذرعته هناك”.

وسخر الوزير اليمني قائلًا إن “نصر الله” رحل “وقد قتل من المسلمين في سوريا وفلسطين عشرات الآلاف ولم يصل للقدس بعد، ولقد كانت طريقها أقرب ومعركتها أشرف لكن يأبى الله أن يمنح قتلة أطفال المسلمين ونسائهم شرف الدفاع عن مقدساته”.

وقال إن أمين عام حزب الله، “أشبع اليهود سبًّا وأثخن في المسلمين قتلًا والله لا يحاسب بالشعارات، وإنما بالأعمال والوقائع”.

دماغ المشروع الإيراني

من جانبه، قال الكاتب اليمني، “معن دماج”، إن “حزب الله ليس فقط أقوى وأهم أذرعة الحرس الثوري والمشروع الإيراني، بل إنه دماغ هذا المشروع في المنطقة العربية وجهازه العصبي، كما أنه وجهه الإعلامي ودرة تاجه”.

ولهذا، قال دماج، إن “ما حدث له سيعكس نفسه بالضرورة على بقية البلدان خصوصا اليمن والعراق”.

الممارسات الطائفية

وعن الردود الشامتة في رحيل نصر الله، قال الصحفي اليمني، صالح البيضاني، إن “‏ما أوصل كثيرًا من العرب إلى مرحلة الشماتة بهلاك قيادات وعناصر حزب الله اللبناني هو الممارسات الطائفية التي انتهجها الحزب من خلال انخراطه في حروب سوريا واليمن والعراق”.

وأضاف في تدوينة بحسابه على منصة تويتر، إن حزب الله خلع قناع “التقية”، بعد أن كانت الشعوب العربية بمختلف طوائفها ومذاهبها تقف في صف الحزب خلال مواجهاته السابقة مع إسرائيل، قبل أن يكشف عن وجهه القبيح".

الولاء لغير العروبة

أمين عام المجلس الإسلامي العربي، "محمد علي الحسيني”، من الطائفة الشيعية اللبنانية، ويعيش في السعودية، تحدث في تدوينة عن ذكرياته مع نصر الله، قائلاً: "بدأنا معا، وسرنا معا، وحررنا الجنوب معا، وانتصرنا معا”.

وأضاف: ولكن فرقنا الولاء، بقيت أنا مع العروبة والأمة، في الحضن العربي الوفي، ومع الأمان قرب الأشقاء العرب، ومع اليقين الوفاء العربي”. مضيفًا قاصدًا حزب الله: “أنت ذهبت بعد التحرير إلى الحضن الإيراني، ومنحتهم الولاء المطلق والطاعة العمياء، ووضعت نفسك بخدمتهم وما قصرت، فتخلوا عنك وتاجروا فيك، في وقت يحتضنني العرب جريًا على عادتهم في المرؤة والوفاء”.

وتابع: “نصحتك مراراً وتكراراً وقلت لك انتبه، كي لا تقول لاحقاً لو كنت أعلم، وحذرتك مما سيأتي عليك وعلى اللبنانيين من تدمير وتهلكة، وقلت اللهم إني بلغت، فقد كان واجبي الشرعي أن أحذرك وأنبهك وقلت لك يمكن التوبة والعودة”.

واعتبر “الحسيني”، ما تعرض له حسن نصر الله” درسًا “لكل من تخلى عن وطنه وعروبته وأمته لمصلحة أمة أخرى، ودرس لكل من أخطأ في الولاء لغير أهله وأشقائه”.

بيع وشراء

قبلها بساعات، كان “الحسيني”، قد تنبأ في مداخلة تلفزيونية، بمقتل نصر الله، بنيران الجيش الإسرائيلي.

وقال في برنامج ساعة حوار على فضائية العربية: “أقول لحسن نصر الله جهز وصيتك فمن اشتراك قد باعك، ما حدث في 2006 كان متفق عليه أما اليوم فلا سياسة والإسرائيلي سيدمر كل شيء”.

وفي 27 سبتمبر/أيلول 2024 أعلن الإحتلال الإسرائيلي قصفه لما أسماه المقر المركزي لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت. وقال إن الغارة استهدفت أمين عام الحزب، حسن نصر الله، مؤكدًا في اليوم التالي نجاح العملية.

من جانبه، أعلن “حزب الله”، اليوم عن مقتل “حسن نصر الله” في تلك الغارة الاسرائيلية. وبهذا تنتهي مسيرة 32 عامًا قضاها حسن نصر الله في قيادة الحزب الموالي لإيران جنوب لبنان.

وتأتي التصعيد الاسرائيلي واغتياله زعيم حزب الله، رغم جهود فرنسية وأمريكية معلنة للتواصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار مؤقت جنوب لبنان لمدة 21 يوما؛ بغرض إتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل سلمي للأزمة.

مواضيع ذات صلة