|    English   |    [email protected]

باحثون عرب يوضّحون لـ“برّان برس” أسباب تعثر وقف إطلاق النار في غزة منذ عام وتداعياته على المنطقة

الخميس 10 أكتوبر 2024 |منذ شهر
تعثر ايقاف الحرب في غزة تعثر ايقاف الحرب في غزة

أعد التقرير لـ"برّان برس" - نواف الحميري:

تدخل الحرب الإسرائيلية المدمّرة على قطاع غزّة، عامها الثاني في ظل فشل الجهود الإقليمية والدولية في إنجاز هدنة توقف نزيف الدم والمعاناة الإنسانية، وتمنع اندلاع حرب إقليمية لا يمكن التنبؤ بحدودها ونتائجها الكارثية.

وفي 9 مايو/أيار الماضي، انتهت جولة تفاوض بالعاصمة المصرية القاهرة دون اتفاق، فبينما أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” قبولها بمقترح مصري- قطري لهدنة، رفضته إسرائيل، بزعم أنه لا يلبي شروطها.

وكانت وساطة قطرية- مصرية في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قد نجحت بإبرام هدنة مؤقتة وتبادل عدد من الأسرى بين حماس وإسرائيل، قبل أن تستأنف إسرائيل الحرب من جديد وتتوغل لاستكمال تدمير منطقة رفح جنوب القطاع، رافضة كل جهود استئناف الهدنة، قبل أن تحاول توسيع الحرب شمالًا باتجاه جنوب لبنان. 

يناقش “بران برس”، في هذا التقرير مع باحثين وسياسيين أسباب تعثر وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وما الذي ينتظر المنطقة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، والتصعيد في المنطقة بما فيها توسع الحرب نحو جنوب لبنان. 

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب “إبادة جماعية” في قطاع غزة، بدعم أمريكي مطلق، خلفت حتى الآن أكثر من 139 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل إسرائيل هذه الحرب المدمّرة، رغم قرار مجلس الأمن الدولي الذي يلزمها بوقفها فورًا، ورغم أوامر محكمة العدل الدولية التي تلزمها أيضًا باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية.

انعدام الثقة

عن أسباب تعثر المفاوضات لإنهاء الحرب في غزّة، أوضح المحلل السياسي اللبناني أمين بشير، لـ“بران برس”، أن سببه “عدم مرونة الأطراف، وطرح شروط تعجيزية من الطرفين، وبالتالي لا يصلون إلى حل”.

وأيضاً “عدم وجود ضمانات من الوسطاء، وانعدام الثقة بين الأطراف لا سيما الطرف الفلسطيني؛ لأن لديهم الورقة الرابحة الأخيرة، أي ورقة الأسرى، والتي لا تريد أن تُنتزع منه لضمان حرية مختطفيه وإعادة إعمار غزة الذي تم تدميرها”.

وبالمقابل، قال “بشير”، إن حركة حماس، “تريد أن تأخذ ضمانات دولية من أجل وقف إطلاق النار، وأن تظل غزة تحت حكم الفلسطينيين دون أي تدخل أجنبي، إضافة إلى ضمانات جسديه من أجل سلامة قادة حماس، وهذا ما يرفضه العدو الإسرائيلي ويحاول أن يتلاعب بالشروط ويتذاكى في بعض الأحيان لكي ينتزع هذه الورقة بالقوة ومن ثم ينقض على ما تبقى من الحركة”. 

وأضاف أن الحركة “أبدت مرونة في المفاوضات، وقبلت بالمقترح الأمريكي الذي طرحه بايدن، ولكن الاحتلال رفض، وأصبح واضح من هو المتسبب  بتعثر هذه المفاوضات بالرغم من كل المحاولات حتى من الأطراف التي تحاول أن تصل إلى حلول إن كان الطرف العربي أو حتى الأمريكي”.

الدعم الغربي

من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عبد الواسع الفاتكي، لـ“بران برس”، أن سبب تعثر المفاوضات يعود إلى الدعم غير المنقطع الذي يقدمه الغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني، ومدهم بكافة أشكال الدعم السياسي والعسكري”، مضيفًا أن “هذا الدعم وقف حائلًا أمام وقف إطلاق النار”. وأيضاً “عدم وجود إرادة قوية من الولايات المتحدة لعمل حد لوقف هذه المجازر”. 

وأضاف أن “الكيان الصهيوني يشعر أنه أخفق بتحقيق الأهداف العسكرية المعلنة خلال حربة ضد قاع غزة، متمثلة في تحرير الأسرى الذين تحتجزهم فصائل المقاومة”، وكذا “إضعاف قدرات المقاومة”.

وهذا الفشل العسكري، برأي الفاتكي، “أدى إلى تعنت الاحتلال وإرادته أن يعوض فشله من خلال إلحاق الضرر بالبنية التحتية لقطاع غزة أو حصار أهلها وتجويعهم وارتكاب مجازر بحق المدنيين”. 

وقال إن “الكيان الصهيوني أراد استمرار المعركة من أجل الظهور بمظهر من يحارب من أجل استعادة كرامته، ويحقق ولو أدنى مقومات أهدافه العسكرية للهروب من الفشل الذريع الذي لحق به، لأن القوي إذا لم يحقق أهدافه المعلنة يعتبر خاسر حتى ولو تفوق في تدمير كل شيء”.

شروط تعجيزية

الباحثة المصرية في العلاقات الدولية الدكتورة شيماء سمير، ترجع صعوبة وقف إطلاق النار في غزة رغم الجهود الدولية والإقليمية إلى جملة عوامل متشابكة، وكل واحد منها لا يقل خطورة وأهمية عن الآخر.

ومن جملة هذه العوامل، تقول إن أولها “الخلاف بين الفصائل الفلسطينية والاختلافات السياسية فيما بينهم على غرار حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، وهذا يجعل من الصعب الوصول إلى شروط هدنة لوقف إطلاق النار توافق عليها كل الفصائل هذا من ناحية الداخل الفلسطيني”. 

وكذلك الوضع بالنسبة لإسرائيل، تقول الباحثة المصرية إن “لديها شروط من الصعب على الطرف الفلسطيني القبول بها وأهمها إطلاق سراح كل من تم اختطافهم بواسطة حماس، ونزع سلاح الفصائل الفلسطينية، وتدمير القدرات العسكرية لحماس، لضمان عدم تكرر مثل هجمات السابع من أكتوبر، وعدم وقوع أي تهديدات أمنية لإسرائيل، وهو ما لن تقبل به الفصائل الفلسطينية”.

مع توسيع إسرائيل لدائرة الصراع واعتماد منهج الاغتيالات لقيادات ورموز المقاومة، تقول “شيماء سمير”، لـ“بران برس”، إن “هذا الأمر سيزيد من إرادة المقاتلين في مواجهة الاحتلال، وأن دماء الشهداء ستشكل وقودًا جديدًا للمقاومة... وهذا ما يبرز استمرار الفصائل في التصعيد وإصرارها على حق الرد”. 

وبالمقابل، تقول إن إيران “احتفظت بحق الرد على اغتيال هنية عندما أيقنت أنه لا أمل من نجاح المفاوضات، وأيضاً استفزازها بقتل وكيلها بالمنطقة حسن نصر الله، وقامت بشن عملية أسمتها الوعد الصادق 2، وأطلقت الكثير من الصواريخ على أراضي فلسطين المحتلة”.

وذكرت أن “الكثير من هذه الصواريخ سقطت داخل الأراضي المحتلة، وأظهرت فشل الدفاعات الجوية لجيش الاحتلال، وعرّت الاحتلال ومنظومته التي لا تقهر بغض النظر عن الأهداف والإصابات التي حققتها”. 

فرصة ذهبية

عن التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، يقول المحلل السياسي اللبناني، أمين بشير، لـ“بران برس”، إن الانتخابات الأمريكية أتاحت لنتنياهو، فرصة ذهبية للنيل من أعدائهم في المنطقة بسبب تحكم اللوبي الصهيوني بالإدارة الأمريكية، وهو المتحكم الأول لها”.

وقال: “يستغل نتنياهو من هذه الفرصة الذهبية ليحاول أن ينتقم وينقض على كل أعداءه من الحوثي إلى حزب الله، وحماس وربما يصل إلى إيران”. وهذا يعني أن “مبدأ الحرب مع إيران مرحلة دقيقة يتوجب على نتنياهو دراستها فإما أن يقوم بضربة نوعية ومؤلمة لإيران أو يقوم باحتواء الموقف والتهدئة”، حد قوله.

وفي كل الأحوال، قال “بشير”، إن “الاحتلال يتوخى الحذر من أجل أن لا تتوسع إلى حرب كبرى، لأنه أيضاً لا يريد أن ينزلق إلى حرب كبرى فتنزلق أمريكا معه فهي لا تستطيع بهذه الفترة الانتخابية أن تواكب حرب شاملة. وأيضاً لا يريد أن يخسر بعد كل النقاط التي سجلها، لأنه بالطبع إذا ما دخلنا بحرب كبرى سوف يكون هناك حرب مضائق وأسعار نفط ترتفع ودول ربما تساهم وتساند”. 

وبالنسبة لواشنطن وطهران، قال إن “الوضع حساس جداً بالنسبة لهما، وإذا تطورت الأمور واشتغلت الحرب سوف تفشل بشكل كبير المفاوضات التي تعمل عليها واشنطن منذ فترة لإنجاز اتفاق نووي مع الإيراني”.

وأيضاً، قال إن “الجانب الإيراني لا يريد لهذه الأسباب أن ينزلق بحرب كبرى، وهو يعض على الجرح ليقطع هذا الوقت لأنه يريد أن يتوج مفاوضاته مع الأمريكي بعد الانتخابات الأمريكية باتفاق نووي. 

تداعيات إقليمية

يشير أمين بشير، إلى أن “هناك تداعيات كبيرة، وتنذر وقوع حرب إقليمية كبيرة والسبب هو أولاً مصطلح وحدة الساحات والقوى الداعمة لإسناد غزة وأيضاً الرد الإيراني الأخير له تداعيات كبيرة.

وبرأيه فإنه “لأول مرة منذُ عقود يظهر مصطلح وحدة الساحات، وكان ظهوره مع بداية طوفان الأقصى، في السابق كانت غزه وحيدة في الساحات ومن ثم جاءت حرب الإسناد التي لم تقدم لغزه أي شيء”.

ويرى أن ما يجري جنوب لبنان، هو “حرب حزب الله وربما الآن يحاولون أن يحافظوا على ربط المسار بين حرب الجنوب وحرب غزه، ولكن للأسف الطرفان يخسران، يعني إن كان غزه تنزف وجنوب لبنان ولبنان بالكامل أيضاً ينزف بسبب ربط المسار لأهداف تصب في مصلحة إيران لا أكثر”.

وقال: “حاول اللبنانيون عن طريق الحكومة اللبنانية من بعد اغتيال حسن نصرالله، أن يفكوا هذا الارتباط ويفكوا وحدة المسار بين غزه والجبهة الجنوبية بإعلان الحكومة بأنها مستعده بتطبيق الـ1701 إلا أن وزير الخارجية الإيراني أجهض هذه المبادرة ولم تبصر النور”.

من جانبه، يرى “الفاتكي”، في حديثه لـ“بران برس”، أن “الكيان الصهيوني أراد توسيع الحرب من أجل جعل العملية ذات بعد إقليمي”، لأنه برأيه “يستفيد من ذلك استمرار الدعم السياسي والعسكري من الدول الغربية، ويظهر بمظهر من يقاتل من أجل وجودة”.

ويريد أيضاً، وفق السياسي الفاتكي، “إرسال رساله إلى الداخل الإسرائيلي بأنه مصمم على المضي حتى تحقيق أهدافه، ويريد كذلك أن يحقق نصر عسكري أخفق بتحقيقه في جبهة غزة”.

ولذلك، قال إنه “لجأ إلى التصعيد في الشمال من أجل تحقيق انتصارات ضد محور المقاومة التي تقوده إيران التي يرى الاحتلال أن هذا المحور مهدد لوجوده مثلهُ مثل حركة حماس”. مضيفًا أن “الاحتلال يحاول توسع الحرب بتلك الاتجاهات”.

ويرى “الفاتكي”، أن “المنطقة ستنجر إلى حرب إقليمية وستتوسع دائرة الحرب لتلتهم كل شيء أمامها، وستجر خلفها العديد من الدول أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر وعلني”.

مواضيع ذات صلة