|    English   |    [email protected]

"أشد العذاب".. تقرير حقوقي يروي قصة 40 مدنياً تعرضوا للتعذيب الوحشي في سجون الحوثيين

السبت 14 ديسمبر 2024 |منذ 5 ساعات
تعبيرية من الأرشيف تعبيرية من الأرشيف

بران برس:

نشرت منظمة "سام للحقوق والحريات"، السبت 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، تقرير لها يروي قصص 40 مدنياً معتقلاً، قالت إنهم اعتقلوا من الطرقات أو مكاتب العمل أو المساكن بعد اقتحامها بصورة مرعبة، مؤكدة تعرضهم "لأشد العذاب في أقبية مجهولة وأخرى معروفة.

التقرير الذي صدر تحت عنوان "أشد العذاب"، وثق معاناة المعتقلين في اليمن على مدى العقد الماضي، لافتة إلى أنه "يقدم مشاهد مؤلمة من حياة ضحايا التعذيب في السجون والمعتقلات غير القانونية، بأسلوب قصصي يستهدف جميع شرائح الجمهور".

واستوحى التقرير اسمه من “آثار التعذيب في أجساد الضحايا، والتي طبعها السجانون، ومنها جسد مثقوب بآلة صلبة، وآخر مشلول الحركة، ومعتقل لا يستطيع حمل كيلو جرام بيده، وآخر لا ينسى الاعتداءات الجنسية، وفتاة تتعرض لمحاولة اغتصاب أثناء التحقيق وغيرها من التفاصيل”، وفق التقرير.

التقرير الذي أتى في 220 صفحة، وتكون من تمهيد وخمسة فصول تضمنت قصص الضحايا في السجون والمعتقلات، خاصة في سجن الصالح سيء السمعة والذي يقع شرق محافظة تعز، وسجون أخرى للحوثيين.

وعن قصص الضحايا، قالت "سام للحريات" إنها "دارت في مدن بعيدة عن خطوط النار، لكن المعتقلين هددوا بالموت لإجبارهم على الاعتراف بوقائع لا صلة لهم بها، وتهم لم يرتكبوها.

وذكرت أن من أولئك المعتقلين، من وضع كهدف لقصف الطيران، ومنهم من منع عنه الأكل لأيام، ومنهم من شق صدره بمشرط، وكثير منهم تعرضوا للإعدام الوهمي إما بالرصاص أو الدهس أو الحريق.

التقرير في فصله الأول، "بين الحياة والموت" سرد 3 قصص مؤلمة، الأولى لأحد المهمشين "حفيد بلال قبل موته"، ويدعى "نشوان مقبل سعيد سيف" وقد رفض التجنيد من الحوثيين، فنزعوا أظافر يديه وقدمه.

كما تعرض "مقبل" للتعذيب بأن ضربه الحوثيون بخشبة، ووضعوا على ظهره الأحجار، إضافة إلى نزع اللحم من جسده وثقب ساقه بآلة حادة، ووفق التقرير، أصيب مقبل بتسمم في كبده.

كل تلك الآثار عاينها فريق سام، إضافة إلى انه حصل على تقرير طبي يفيد بما حصل له من مضاعفات على جسده.

وذكر التقرير، أن الضحية نشوان مقبل، حكى لفريق الرصد قبل موته تفاصيل ما جرى له، بعد اختطافه من قبل مسلحي جماعة الحوثي عند نقطة تفتيش في منطقة الحوبان شرقي تعز وأخذه إلى مدينة الصالح السكنية، التي حولتها الجماعة إلى أكبر سجن لهم في البلاد.

وفي إحدى ليالي التعذيب في معتقل الصالح الرهيب، التي يرويها "نشوان"، أن جاء الحوثيون "بشكمان" سيارة شديدة الحرارة، ثم وضعوه في باطن ركبته وهو في وضعية الجلوس.

ووفق نشوان لم يكتف السجانون بذلك، بل أحنوا رأسه وظهره على فخذه، ليضعوا فوق ظهره عدداً من الأحجار، وبعدها أمروه أن يقف وحين لا يستطيع يزيدون من الأحجار على ظهره.

وقال، إن الحوثيين أخذوا كذلك وفي جلسة التعذيب نفسها، على نزع لحكه من فخذيه وساقيه ثم أتوا بآلة صلبة واحادة ليضربوه على رأسه.

وبهذه الطريقة استمر الحوثيون في تعذيب "نشوان" لأسابيع، لافتاً إلى أنهم "رموه بعدها في زنزانة انفرادية، أصيب فيها بتسمم في الكبد وتورم جسمي، كما تورمت خصياته بسبب الضرب والحرارة والملابس المتسخة".

ويضيف: "لم يتم إسعافي ولا إعطائي أي أدوية رغم معرفتهم بمضاعفات التعذيب على جسدي وأجهزة جسمي".

وعن إخراجه من المعتقل، قال الضحية نشوان، إنه بعد عام وستة أشهر، أخرج من الزنزانة عند الساعة السادسة مساء ووضعوا غطاء على عينيه ثم حملوه فوق صندوق سيارة تابعة لهم ورموه في منطقة تسمى "شبام" تتبع محافظة إب. 

وفي قصة أخرى صادمة، يروي أحد الضحايا ما مرّ به من تعذيب على يد الحوثيين بعد أن اعتقلوه، ليطلقوه معاقاً مشلول الحركة، حيث لا يستطيع "محمد خالد محمد الحاج" أن يسرد تفاصيل التعذيب، فكل ما بدأ بالحديث انهار باكياً كما يطلب من المتواجدين مغادرة المطان ويلوي على الصمت.

ووفق التقرير، كان "الحاج" يعيل والدته المريضة ويرعى شقيقاته اليتيمات، من عمله كبناء ويقول: "كنت أعمل في إحدى البنايات المجاورة لمصنع السمن والصابون بتعز، حضر "أبو علي الشامي" إلى البناية يسأل عن اسمي فأجبته، كنت قد فرحت واعتقدت أني يريدني للعمل".

وأشار إلى أنه كان بجانب الشامي مسلحون أشهروا السلاح في وجهه، ليعتقل وينقل إلى سجون مدينة الصالح وهي مدينة سكنية لم تكتمل، حولها الحوثيون إلى معتقل كبير متعدد البنايات والاستخدامات.

ويذكر تقرير "سام" أنه زجوا بمحمد إلى غرفة صغيرة، أفاد أنه لم يكن يستطيع النوم فيها، كما أن رائحتها نتنة، وفي اليوم الثاني حصل على وجبة، وبعدها قرروا له وجبتين و75 مليمتر من الماء في اليوم.

ويضيف محمد في شهادته، أنه من اليوم الرابع بدأ الحوثيون في تعذيبه، وقال: "عندما وصلت إلى المحقق كان أول شيء طلبه مني "اعترف أنك داعشي".

ويقول: "تم الربط على عيني وتكبيل يدي وتعليقي وبدأوا التعذيب، تعرضت لأكثر من 30 لكمة ولطمة في الوجه حتى أغمي علي، كنت أنزف من الأنف بسبب ما تعرضت له".

ويواصل بالقول: "عندما أغمي علي قاموا بضربي في الرأس بقارورة ماء مثلجة حتى أفقت، كنت أطلب منهم أن يوقفوا النزيف، لكن لا حياة لمن تنادي، كنت أقول لهم لماذا كل هذا يحصل لي، فكانوا يردوا علي "اعترف أنك داعشي".

محمد الحاج في حديثه يتحدث عن طريقة أخرى بشعة في تعذيبه، وهي ربط أصابع قدميه، كل اصبع لوحدها ثم يقومون بشدها بقوة، ومن شدة الألم والصياح الذي كان يطلقه يغمى عليه.

ويبين أنه بعدها تم نقله إلى شقة في المعتقلـ فيها 30 معتقلاً آخر، وأضاف: "كنت أتعرض لأبشع أنواع التعذيب يومين في الأسبوع عذبوني حتى صرت معاقاً لا أستطيع الوقوف على قدمي".

منظمة سام خلصت في تقريرها، إلى أن عمل يهدف إلى كسر حاجز الصمت وتحفيز الضحايا الآخرين على البوح وتوثيق ما تعرضوا له من انتهاكات، وقال إنه إصدار يستند إلى سنوات من العمل الميداني واللقاءات المباشرة مع الضحايا وشهود العيان، متضمنًا شهادات مؤلمة، بعضها لمعتقلين توفوا تحت التعذيب.

وأشارت المنظمة إلى أن معظم هذه الانتهاكات حدثت في سجون يديرها الحوثيون، مع وجود انتهاكات أقل نسبيًا في مناطق أخرى تحت سيطرة الحكومة المعترف بها، المجلس الانتقالي الجنوبي، أو فصائل عسكرية مختلفة.

وذكرت أن التقرير، يعد الأول ضمن سلسلة تقارير، تعتزم إطلاقها لتسليط الضوء على معاناة الضحايا ودفع الجهود الدولية لتحقيق العدالة، كما تهدف إلى إبقاء هذه الانتهاكات حية في الذاكرة، والدعوة إلى مساءلة المتورطين، وجبر الضرر الذي تعرض له الأبرياء، في خطوة لتعزيز الكرامة الإنسانية والعدالة.


 

مواضيع ذات صلة