|    English   |    [email protected]

تحليل | ما وراء التصعيد الحوثي بجبهات مأرب؟ وما السيناريوهات المتوقعة؟

الجمعة 31 يناير 2025 |منذ 7 ساعات
تحليل | ما وراء التصعيد الحوثي بجبهات مأرب؟ وما السيناريوهات المتوقعة؟ تحليل | ما وراء التصعيد الحوثي بجبهات مأرب؟ وما السيناريوهات المتوقعة؟

برّان برس - خاص:

منذ مطلع العام الجاري، صعّدت جماعة الحوثي المصنفة عالميًا في قوائم الإرهاب، عملياتها القتالية في عدد من المحافظات اليمنية، عقب هدوء ميداني لنحو 3 أعوام فيما تصاعدت مخاوف محلية وخارجية من تصاعد أكبر للصراع.

وتركّزت هذه التحركات المتصاعدة في معظمها تجاه محافظة مأرب النفطية (شمالي شرق اليمن)، وزادت كثافة بعد توقّف عملياتها في البحر الأحمر وتجاه إسرائيل التي زعمت أنها إسنادًا للمقاومة الفلسطينية.

الباحث في الشؤون العسكرية، العميد عبد الرحمن الربيعي، قرأ في هذه المادة التحليلية التي أعدها لـ"برّان برس"، ما وراء تصعيد الجماعة المدعومة إيرانياً تجاه مأرب، وما السيناريوهات المتوقعة، خصوصا في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية وانهيار أذرع إيران في المنطقة.

نص التحليل:

من المعروف أن جبهة مأرب بجهاتها الأربع هي الأشد سخونة، وأكثر كلفة بالحرب الدائرة بين الحوثيين والحكومة الشرعية، منذ سقوط العاصمة صنعاء بيد الانقلابيين الحوثيين بالعام 2014م، ففي حين تساقطت معظم محافظات الجمهورية، قاومت مأرب بشدة وخاضت معارك هي الأعنف خلال كل هذه الحرب، واستطاعت مأرب كسر شوكة الحوثيين، وأصبحت قبلة للأحرار من كل أصقاع اليمن، ما بين ملتحقين بالجبهات ونازحين إلى ملاذ آمن.

ومع استمرار الحرب وسقوط جبهة نهم ومحافظة الجوف، أعتقد الحوثيون أنهم أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من دخول مأرب، والسيطرة على مواردها الطبيعية من نفط وغاز، وفي العام 2020 - 2021 توجه الحوثيون بكل ثقلهم، وبأفضل ما لديهم من قوات بشرية ومادية لتحقيق حلمهم وهدفهم الرئيسي، لكن مأرب ظلت صامدة كقلعة حصينة وتحولت إلى ما يشبه عصى موسى تبتلع الحوثيين وأدواتهم.

بعد انكسار الحوثيين وخسارتهم الفادحة على أسوار مأرب، قبلوا بالهدنتين الأولى والثانية، لكن تلك الهدن لم تكن لغرض تهدئة المشهد لعملية سلام، بل كانت بالنسبة للحوثين استراحة محارب، وإعادة الحشد والتسليح وانتظار الفرص.
 


التحولات الدولية 


بعد معركة طوفان الأقصى، حاول الحوثيين تلميع صورتهم المهترئة، وحالة السخط والتذمر الشعبي بمناطق سيطرتهم، فانخرطوا بمعركة دعائية من خلال استهدافهم للسفن بالبحر الأحمر، واستهداف إسرائيل ولو على استحياء، ضمن مساعي أذرع إيران وأدواتها في المنطقة لركوب موجة غزة، لكنها غرقت وبدأت تتساقط واحدة تلو الأخرى وبقت غزة صامدة، وما إن انتصرت غزة كانت أذرع إيران قد تهاوت، حيث تم القضاء على حزب الله، وسقط نظام الأسد في سوريا، وتلقت إيران ضربات موجعة.

مع تهاوي أذرع إيران في المنطقة، بقى الحوثيين تترصد بهم ملامح معركة استئصال نهائية، واليوم وأمام هذه التحولات التي تحاصر الحوثيين اقتصاديا و وعسكريا، نرى الجماعة تحشد قواها ووسائلها المادية والبشرية والإعلامية صوب مأرب، بهدف تسجيل عمل عسكري استباقي يقلب المعادلة السياسية والعسكرية. حيث أن مأرب لازالت تمثل الهدف الأعظم، والحلم الساكن بعقول الحوثيين.

طبول الحرب تقرع 

 

بالنظر إلى كل الشواهد التي ذكرناها بهذا السياق، فإن احتمالات حدوث اندلاع المعارك أمرا وأرد بأي لحظة وبأي ساعة للأسباب التالية:

1- أن حالة الحرب قائمة وليس هناك أي هدنة متفق عليها سواء هدنة قصيرة أو دائمة، أو اتفاق على وقف إطلاق النار.
2- أن الوضع السياسي والعسكري التي يعيشها الحوثيين اليوم تدفعهم إلى اللجوء لتفجير الوضع العسكري لغرض فرض واقع جديد يغير من المعادلات السياسية والعسكرية على الأرض.
2- أن مأرب شكلت وعبر مراحل الحرب مع الحوثيين خلال العشر سنوات الماضية هدف حيوي وخيار استراتيجي لا رجعة عنه لأسباب عديدة منها: 
    
    أ- موقع مأرب الجغرافي والاستراتيجي من كل النواحي السياسية والعسكرية. 
   ب- مأرب هي موقع الثروات الطبيعية من نفط وغاز، بالإضافة إلى بنيتها التحتية والاقتصادية مثل منشآت الكهرباء والسد وغيرها من المنشآت الحيوية. 
   ج- مأرب هي قلعة الجمهورية ومربض الشرعية، ففيها قرابة اثنين مليون نازح، وهذا المخزون البشري الهائل يؤرق الحوثيين كونهم يشكلون رديف قوي لجيش الشرعية، إلى جانب قبائل مأرب الذين كانوا أول من رفض مشروع الحوثيين وقاوموهم بقوة السلاح منذ اليوم الأول وحتى اليوم، وكسروا فلولهم وزحوفاتهم، وألحقو بالحوثيين أقسى الخسائر بهذه الحرب.
   د- مأرب همزة وصل بين الطرق الحاكمة بين الشمال والجنوب والشرق. 

السيناريوهات المحتملة 


 في ظل هذه الظروف والأوضاع المحيطة بالحوثيين والضغوطات الداخلية والإقليمية والدولية خصوصاً من بعد انخراط الحوثيين بتهديد طرق الملاحة البحرية بمضيق باب المندب والبحر الأحمر والعربي، وتصنيفهم كجماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ووصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وتهديداته بأنه سيقضي على أذرع إيران في المنطقة، فإن الحوثيين قد يلجأون إلى تفجير الوضع العسكري، وقد يكون هدفهم الرئيسي مأرب، بدليل التحشيدات التي يقومون بها على مختلف جبهات المحافظة. وهنا قد يذهب الوضع إلى حدوث انسداد كلي في خارطة الطريق الأممية، والتي كانت مطروحة للحل السلمي، وفرض واقع ومعادلات جديدة يمكن الرهان على الأرض .
    


الدفاع عن مأرب 


   مأرب بجيشها الوطني وقبائلها الشجعان، شكلت سورا منيعا أمام الحوثيين وهزموهم بمعارك شديدة الضراوة، لذلك فإني أعتقد أنه إذا ما غامر الحوثيون بعمل هجومي واسع النطاق ومن عدة اتجاهات فإنهم سيواجهون الفشل والخيبة والهزيمة، لأسباب عديدة، من أبرزها أن خطوط الدفاع عن مأرب متينة وقوية، وفي نفس الوقت الأرض ملائمة لصالح المدافعين عنها أكثر منها لصالح المهاجم. بالإضافة إلى التكاتف القوي والمتين فيما بين قبائل مأرب الأبطال والجيش، حيث أصبحت قبائل مأرب قوة جبارة وداعمة لخطوط الدفاع.

ومع الطلقة الأولى تجاه مأرب، ستفتح قوات الشرعية معاركها في كل الجبهات، وقد تتحول المعركة من حالة الدفاع للهجوم الكاسح لتحرير العاصمة صنعاء، وكل المحافظات اليمنية التي لازالت تحت سيطرة الحوثيين، تحت غطاء جوي فعال وداعم للجيش التابع للشرعية، ومع ذلك تظل كل الحسابات والخيارات مفتوحة، وقابلة للتغيير حسب المعطيات والتطورات

مواضيع ذات صلة