|    English   |    [email protected]

حوار | وزير الأوقاف اليمني لـ“بران برس”: فتاوى محمد عبدالعظيم الحوثي تمثل ترخيصًا بالقتل واستباحة الدماء وتبرر لاستمرار الحرب

الخميس 13 فبراير 2025 |منذ 5 أيام
محمد شبيبة (بران برس) محمد شبيبة (بران برس)

بران برس- حوار خاص:

قال وزير الأوقاف والإرشاد في الحكومة اليمنية المعترف بها، محمد عيضة شبيبة، إن فتاوى “محمد عبدالعظيم الحوثي”، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عبر مؤسسة إعلامية إيرانية، “ترخيصًا بالقتل واستباحة الدماء”.

وفي حوار مركّز مع “بران برس”، تحدث الشيخ محمد شبيبة، الذي ينحدر من محافظة صعدة وتصدر مواجهة الحوثيين مبكرًا، عن الفتاوى والأحكام التكفيرية التي أطلقها الحوثي من طهران، موضحًا تداعياتها على اليمنيين وعامة المسلمين.

وأضاف الوزير شبيبة: “عندما يكفِّر الحوثيون مخالفيهم من أبناء اليمن وسائر المسلمين، فهم بذلك يشرعنون استهدافهم بالقتل والتهجير والتنكيل“، مشددا على ضرورة مواجهة الخطاب المتطرف، والتصدي لمحاولات إعادة كتابة التاريخ بما يخدم أجندة طائفية، والعمل على ترسيخ الوحدة الوطنية والتعايش السلمي الذي يتميز به الشعب اليمني”.

وعلّق على ما ورد في المقابلة حول العنصرية والطبقية، وعن التعاون التاريخي بين الصفوية الإمامية والزيدية، والمعادلة التي تضع اليمني بين أن يكون زيدياً شيعياً أو وهابياً ناصبياً.. متطرقًا إلى ما كشفه عن النشاط الإمامي في صعدة وإجبار الآخرين على اعتناق أفكار الجماعة الحوثية.

وأوضح مدى كفاية هذه التصريحات، وما سبقها، لكشف الوجهة الحقيقي والخفي للزيدية المتطرفة في اليمن، متحدثًا عن دور الحكومة والهيئات والجهات الإقليمية والدولية ذات العلاقة مواجهة هذه الفتاوى التكفيرية.

نص الحوار:

** كيف تابعت مقابلة محمد عبدالعظيم الحوثي وما الذي استوقفك فيها؟

اسمح لي بدايةً أن أشكر موقع “بران برس”، على نشاطه الإعلامي المتميز في مقارعة ضلالات وجرائم الإمامة بنسختها الحوثية الإيرانية.

في ما يتعلق بمقابلة المدعو محمد عبدالعظيم الحوثي، فهي في الواقع تكشف حجم الكراهية والسوء والبغضاء ضد عموم المسلمين، واليمنيين على وجه الخصوص، وتعكس جوهر المشروع الحوثي القائم على الإقصاء والتكفير والتشكيك في عقائد الآخرين، لكن أكثر ما استوقفني استخدام هذا الهرِم اللهجة الاستعلائية التي ساقها في حديثه عن اليمنيين، وكأن الشعب اليمني بكامله مدين له ولجماعته بولاء مطلق، وإلا فهو في خانة "النواصب" والأعداء. 

كذلك، استوقفتني محاولة الحوثي إعادة صياغة التاريخ لتبرير سلوك جماعته الطائفية ضد اليمن وقبائلها ومكوناته المختلفة، في ترجمة حقيقية للفكر الخبيث الذي تحمله المليشيات الحوثية، لتحقيق مشروع سياسي وسلطوي.

فضلًا عن ذلك، زعم المذكور أن إمامة علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- من أصول الدين، وكفَّر من لا يؤمن بذلك، وهو بذلك يخالف إجماع الأمة الإسلامية التي أطبقت على أن الإيمان يقوم على أركان الإسلام والإيمان المعروفة، ولا علاقة له بمسائل الخلاف السياسي أو الفقهي التي وقعت بعد عصر النبوة، وقد فندت هيئة علماء اليمن أكاذيب هذا الرجل في بيان، أرجو الاطلاع عليه. 


** ما تداعيات الفتاوى التكفيرية التي أطلقها على اليمنيين وعامة المسلمين؟

يزعم محمد عبدالعظيم الحوثي، أن مسألة إمامة علي بن أبي طالب، من أصول الدين ويكفر من لا يؤمن بذلك، وهذا بهتان عظيم وافتراء على الله ورسوله وعلى عموم المسلمين من لدن عهد الصحابة حتى يومنا هذا، وبالتالي فإن هذه الفتاوى تمثل ترخيصًا بالقتل واستباحة الدماء، وعندما يكفِّر الحوثيون مخالفيهم من أبناء اليمن وسائر المسلمين، فهم بذلك يشرعنون استهدافهم بالقتل والتهجير والتنكيل، إلى جانب أنها تعيد إنتاج خطاب الكراهية والتقسيم الذي أشعل الحروب والصراعات على مر التاريخ.

لقد كانت الفتاوى التكفيرية تاريخيًا بمثابة الوقود الذي يغذّي الجماعات المتطرفة وعلى رأسها الإمامة، التي عمدت استنادًا إلى فتاوى التكفير لاستباحة الأموال والأعراض وتمزيق المجتمعات، ووثقت ذلك في كتبها، 
واليوم، نشهد كيف أن هذه الفتاوى لم تؤدِّ إلا إلى مزيد من المعاناة للشعب اليمني، وإلى تبرير استمرار الحرب، بدلاً من البحث عن حلول سلمية تعيد لليمن استقراره وسلامة أراضيه.


** تعليقك على ما تحدث به حول العنصرية والطبقية وحديثه عن التعاون التاريخي بين الصفوية الإمامية والزيدية؟

الحوثي كشف في حديثه عن البعد العنصري والطبقي الذي تتبناه جماعته، حيث يؤمنون بولاية البطنين، أي أن الحكم لا يجوز إلا لسلالة بعينها، في إنكار واضح لمبدأ المساواة بين البشر، في مخالفة صريحة لقيم الإسلام الحنيف ومقاصده السامية. 

أما حديثه عن التعاون التاريخي بين الصفوية الإمامية والزيدية، فهو تأكيد على أن جماعته ليست سوى امتداد للمشاريع الطائفية التي سعت عبر التاريخ إلى تمزيق الأمة، وتحويل الصراع السياسي إلى صراع مذهبي، وشواهد الواقع في البلاد العربية أوضح دليل على كارثية المشروع الإيراني ودوره في دمار الأمة وتفكيكها. 

وعليه، فإن التحالف الصفوي– الزيدي ليس حديثًا، وإنما اليوم يتجدد عبر الدعم الذي تتلقاه الجماعة من إيران، سواء على المستوى العسكري أو الفكري.


** رأيك بالمعادلة التي ساقها والتي تضع اليمني بين أن يكون زيدياً شيعياً أو وهابياً ناصبياً باعتباره خصمًا؟

هذه معادلة زائفة وخطيرة، فهي تسعى إلى حصر الهوية اليمنية في خيارين متناقضين، مما يلغي جوهر الجمهورية وقيم التسامح والاعتدال التي عُرف بها اليمن عبر التاريخ، وفي الوقت نفسه تبين هذه المعادلة مدى حقد الإمامة بنسختها الحوثية الراهنة على المملكة العربية السعودية ومحاولة إيغار صدور اليمنيين ضدها، وتحشيدهم كوقود لحروبها العدوانية ضد اليمن وجيرانه. 

يعلم الجميع أن اليمن عبر التاريخ لم يكن يومًا محصورًا بين هذين الخيارين، بل كان مزيجًا متجانسًا من المذاهب والمدارس الفقهية المختلفة، ولذا فإن هذا الطرح يكشف عن نوايا الحوثيين في فرض رؤيتهم على الجميع، وإجبار اليمنيين على اعتناق فكرهم بالقوة، وهو أيضًا يعكس عقلية الإقصاء التي تتعامل بها الجماعة، حيث ترى في أي مخالف لها عدوًا يجب القضاء عليه.


** كيف تصف ما ذكره عن النشاط الإمامي في صعدة وإجبار الآخرين على اعتناق أفكار الجماعة الحوثية؟

هذا الحديث يؤكد ما كنا نقوله دائمًا، وهو أن الحوثيين لا يقبلون بالتعايش، بل يفرضون فكرهم بالقوة، ويستخدمون كل الوسائل الممكنة، من الترهيب إلى التصفية الجسدية، لضمان ولاء الناس لهم. 

ما يجري في صعدة وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرتهم هو عملية إعادة هندسة فكرية قسرية، حيث تُغلق المدارس والمساجد التي لا تتبنى فكر الجماعة، ويتم تعميم مناهجهم الخاصة القائمة على الأحقاد والتفكير والطبقية والخرافة والضلالات، وتُفرض شعاراتهم بالقوة، في محاولة لتغيير هوية المجتمع اليمني بالكامل.


** كيف ترى غياب معاناة ملايين اليمنيين من الفقر والجوع والتشرد في خطابات الحوثي ومعاركهم الممتدة؟

الحوثيون سلطة قمعية غاشمة لا تتمتع بأي شعور بالمسؤولية الأخلاقية أو الإنسانية أو حتى السياسية تجاه الناس، ولا يعيرون أي اهتمام لمعاناة اليمنيين، لأن مشروعهم لا يقوم على خدمة الشعب، بل على استغلاله لخدمة أجنداتهم. 

هم يتحدثون عن "العدوان الخارجي" بينما هم السبب الرئيسي في استمرار الحرب وإفقار اليمنيين. ميزانياتهم موجهة نحو تمويل المجهود الحربي، بينما يموت الأطفال جوعًا، ويتشرد الملايين، دون أن نسمع منهم كلمة واحدة عن ذلك، بل على العكس، نراهم يحتفلون بالمناسبات الطائفية ببذخ، في مشهد يُظهر حجم الفجوة بين قيادات الجماعة والشعب الذي يعاني تحت حكمهم.


** إلى أي مدى تكشف هذه التصريحات وما سبقها الوجه الحقيقي والخفي للزيدية المتطرفة في اليمن؟

هذه التصريحات تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الحوثيين ومنهجهم الطائفي وامتدادهم الفكري الإمامي وارتباطهم بإيران كل ذلك يضعهم على النقيض من اليمن وهويته وشعبه وتاريخه، فهم نبتة خارج سياق اليمن ولا علاقة لهم باليمنيين، وحديثهم عن "الولاية" و"النسب الشريف" و"حق الحكم الإلهي" كلها أفكار تجاوزها الزمن، لكن الحوثيين يعيدون طرحها لتحقيق مكاسب سياسية وسلطوية.

كما أن خطابهم اليوم هو إعادة إنتاج للخطاب الإمامي القديم، الذي سقط بثورة 1962، لكنه يعود الآن بثوب جديد، مستفيدًا من الدعم الإيراني، والتغافل الدولي عن ممارسات الجماعة.


** ما دور الحكومة والهيئات والجهات الإقليمية والدولية ذات العلاقة في مواجهة هذه الفتاوى التكفيرية؟

يجب أن يكون هناك تحرك عاجل على عدة مستويات. أولًا، على الحكومة أن تكون أكثر حضورًا في مواجهة هذا الخطاب، من خلال تعزيز الخطاب الوسطي، وتبني المراكز الشرعية والتعليمية التي تواجه الفكر الحوثي المتطرف، ونحن في وزارة الأوقاف نبذل جهودًا كبيرة عبر قطاع الإرشاد وغيره من القطاعات في إطار معركة الوعي لمواجهة خطاب الكراهية والطائفية والخرافة الذي تتبناه الحوثية، ونأمل أن تتضافر جهود الإعلام ورجال الصحافة في هذه المعركة. 

ثانيًا، يجب على الهيئات الإقليمية والدولية أن تدرك خطورة المشروع الحوثي، ليس على اليمن فقط، بل على المنطقة بأسرها، ينبغي فرض عقوبات أشد على قيادات الجماعة، ووقف القنوات الإعلامية التي تروج لهذا الخطاب التكفيري.

 كما أن دور العلماء والمثقفين مهم في كشف زيف هذا المشروع، وإعادة اليمنيين إلى وحدتهم الوطنية بعيدًا عن الطائفية.


** أي إضافة

ما نشهده اليوم هو لحظة فارقة في تاريخ اليمن؛ فإما أن ينجح الحوثيون في فرض مشروعهم الطائفي بالقوة، أو يستعيد اليمنيون دولتهم وهويتهم الجامعة. 

ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع إلى الأبد، فالحركات التي تقوم على الإكراه والقمع مصيرها السقوط، لكن ذلك يتطلب وعيًا شعبيًا، وجهودًا حقيقية من القوى الوطنية والإقليمية والدولية لوقف هذا العبث، وإنقاذ اليمن من دوامة الطائفية والعنف التي أغرقه فيها الحوثيون.

مواضيع ذات صلة