|    English   |    [email protected]

تقرير | استدعاء للدمار.. كيف قرأ باحثون سياسيون وعسكريون الاستهداف الإسرائيلي لمقدرات اليمن وتأثيراته على الحوثيين؟

الأربعاء 7 مايو 2025 |منذ 17 ساعة
الاستهداف الإسرائيلي لمقدرات اليمن ومدى تأثيره على الحوثيين (بران برس) الاستهداف الإسرائيلي لمقدرات اليمن ومدى تأثيره على الحوثيين (بران برس)

أعد التقرير لـ"بران برس" - عمار زعبل:

على مدى يومين متتاليين، شن جيش الكيان الإسرائيلي، أعنف هجوم له في اليمن، مستهدفاً بنى تحتية ومنشآت اقتصادية ومواقع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء، ومدينتي الحديدة وعمران، أدت إلى إخراج مطار صنعاء الدولي عن الخدمة تمامًا كما هو الحال في ميناء الحديدة الاستراتيجي (غربي اليمن).

ويعد هذه الهجوم، هو الأقوى، حيث طالت غارات الكيان الإسرائيلي في مطار صنعاء، طائرات مدنية ومدارج الإقلاع والهبوط وصالة المسافرين، فيما استهدفت ميناء الحديدة، ومصانع الأسمنت في باجل وعمران، وكذا محطات كهرباء حزيز وذهبان بالعاصمة صنعاء، وهي كلها منشآت خدمية.

ولاقت تلك الغارات استياء وتنديداً يمنياً واسعاً، كون الأهداف التي استهدفت هي "منشآت خدمية متصلة بحياة الشعب اليمني، وممولة من أمواله، ولا صلة لها بممتلكات جماعة الحوثي المصنفة في وقوائم الإرهاب"، وفقا لما جاء في بيان إدانة صادر عن التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية.

وفي حين حمّل التكتل حكومة الكيان الإسرائيلي كامل المسؤولية عمّا لحق بالشعب اليمني من أضرار، فإنه في المقابل حمّل جماعة الحوثي مسؤوليتها عن التسبّب في حروب لا تنتهي، منذ عام 2004، ولا تزال حتى اللحظة تنتقل من حرب إلى أخرى، مستدعِيةً الخرابَ والدمارَ للشعب اليمني ومقدّراته، تنفيذًا للأجندة الإيرانية.

وبعيداً عن مبررات جيش الاحتلال لهجومه المدمر على مقدرات الشعب اليمني، التي تقول تل أبيب إنها جاءت عقب استهداف صاروخ أطلقه الحوثيون على مطار بن غوريون، ثمة تساؤلات عدة يطرحها اليمنيون عن سر هذا الاستهداف للمنشآت الاقتصادية، من مطارات وموانئ ومصانع ومحطات كهرباء، والتي يزيد عمر بعضها عن نصف قرن، في حين لم تستهدف قيادات الحوثيين.

تضرر مصالح اليمنيين

تلك التساؤلات وهل ستؤثر الضربات المدمرة للمنشآت الاقتصادية على الحوثيين، وضعها "برّان برس" على خبراء ومحللين سياسيين وعسكريين واقتصاديين، وفي البداية، الدكتور "عادل دشيلة"، الباحث في المركز الشرق أوسطي للأبحاث بجامعة كولومبيا، الذي قال، "إنه لن يكون هناك تأثير مباشر على الحوثيين، بقدر ما سيكون أثرها على مصالح اليمنيين.

وأضاف "دشيلة"، في إطار حديثه لـ"برّان برس"، أن تدمير المنشآت الحيوية، سيتأثر بها اليمنيون، في عدد من المجالات منها الخدمات الطبية، والكهرباء والإمدادات من الموانئ، ومواد البناء".

أما عن التأثير على الحوثيين، فحصره الدكتور دشيلة، بحرمان الجماعة من الحصول على بعض الإمدادات من الموانئ، مستدركاً بالقول: " لكن علينا أن ندرك أن الجهاز الاقتصادي للجماعة الحوثية قائم على الجبايات على النهب، على الضرائب والزكوات، لذلك الحوثيون يمتصون المواطن اليمني من كل الجهات حتى لو تم تدمير هذه المؤسسات المدنية".

إعلان ترامب

وبرأي "دشيلة"، فإن وضع الحوثيين، ليس كما كان قبل الضربات الأمريكية والإسرائيلية، وقال: "الحوثيون الآن في موضع ضعف وبالتالي إعلان ترامب، أن جماعة الحوثي أعلنت وقف عملياتها في البحر الأحمر، وطلبت من الأمريكان عدم استهدافها، هذا مؤشر على استسلام جماعة الحوثي، لكن بعد خراب مالطا".

ولفت إلى أنه "بحسب التصريحات الأمريكية لا يوجد أي اتفاق حالياً، مع الحوثيين"، مضيفاً: " لنكون واقعيين في تصوري الشخصي، بأن هناك أكثر من سيناريو، مطروح على الطاولة"، متوقعاً في السيناريو الأول، أن "يكون هناك اتفاق سياسي برعاية السعودية، مرتبط بالتغيرات الإقليمية، أي بالبرنامج النووي الإيراني والحوار الأمريكي الإيراني، وبمخرجاته".

واستدرك: "لكن علينا أن ندرك أن وضع جماعة الحوثي لن يكون قبل مثل ما كان قبل الضربات الأمريكية أو أن يكون لها نصيب الأسد من الكعكة، في أي عملية سياسية مستقبلية، وإذا قبلت بعملية سياسية لن يكون بشروطها".

عملية عسكرية 

أما عن السيناريو الثاني، يقول "دشيلة"، إن "جماعة الحوثي قد تتعنت ولن تقبل بتسوية سياسية حقيقية وواقعية، وفي هذه الحالة إذا تم إطلاق عملية عسكرية ضد الجماعة لن تستطيع إيقافها، وستكون في موقع الدفاع وليس في موقع الهجوم، كما كان سابقاً".

وتابع قائلاً: "وبالتالي هزيمة الحوثيين وارد، من الناحية العسكرية في حال رفضت التسوية السياسية، ولكن أعتقد أن الجماعة الحوثية ستستفيد مما حصل لحزب الله في لبنان، وستقبل وترضخ بالشروط السعودية والأمريكية والدخول في عملية سياسية هذا إذا حكمت صوت العقل والمنطق والأيام القادمة كفيلة بكشف ذلك".

ضربات قاسية

الهجمات التي شنتها إسرائيل بلا هوادة، في حين أنها لم تستهدف أي أهداف عسكرية واضحة، فدمرت منشآت اقتصادية حيوية، عن ذلك يقول الخبير العسكري، "عبدالرحمن الربيعي"، بأن تلك الهجمات "كانت ضربات، قاسية وموجعة ألحقت تدميراً شبه كلي بمطار صنعاء ومصنع عمران، ومحطات الكهرباء في شمال وغرب العاصمة".

ويضيف لـ"برّان برس": "هذه الضربات نتاج ما يقوم، به الحوثيون من استدعاء للخارج"، مشيراً إلى أن أي استهداف لليمن هو نتيجة للممارسات الخاطئة لهذه العصابة - في إشارة لجماعة الحوثيين- التي قال إنها "لا تقيم وزناً لليمنيين ولا للمنشآت الحيوية".

ومضى قائلا: "الحوثيون عبارة عن عصابة مغامرة مقامرة، لا تملك العقلانية فيما يجب عمله، ولا حس المسؤولية، هي عبارة عن ديكتاتورية تقوم على جرجرة اليمن إلى خوض حروب ليست أهلاً لها على الإطلاق".

الخبير العسكري الربيعي تابع: "إذا كان الرد العنيف من قبل إسرائيل، على حفرة عملها صاروخ قد يكون هذا الصاروخ سقط بعلم ورضا وتدبير إسرائيلي، لكي تقوم بهذه الأعمال، ولكي توجد عثرات للمفاوضات الأمريكية الإيرانية".

واستطرد قائلاً: "هذه الحفرة التي كلفتنا هذا الدمار الواسع والهائل لمنشآت بنيت بالعرق والدم خلال أكثر من ستين عاماً، تدمر خلال 24 ساعة، شيء محزن، ومؤسف للغاية".

وأضاف: "لكن أنا في تقديري من استحضر هذا العدوان، ومن هيأ المشهد لحدوث مثل هكذا أعمال عسكرية جرت على اليمن هذه الخسارة الفادحة في المنشآت الحيوية، يتحمل بدرجة رئيسية مسؤوليتها وهو الحوثي".

دعاية وتضليل

العميد الربيعي، خاطب الحوثيين الذين قال إنهم "استخدموا الدعاية بأنهم هددوا دول الجوار والبحر الأحمر والبحر العربي والرجاء الصالح وعالي البحار، ومن ثم أمريكا واليوم إسرائيل، هذه البروباجندا الدعائية"، أن "عليهم أن يتوقفوا".

وقال: "الحوثي في حقيقة الأمر، لا يملك التكافؤ أو المعادلة في القوة مع عدو مثل إسرائيل، ما الذي ألحقه فيها من خسارة، سنتان أطلقوا خلالها قرابة 27 صاروخاً، لم تلحق أي ضرر بأي منشأة إسرائيلية، أو حتى أضرار بشرية على الأرض على الإطلاق، باستثناء هذا الصاروخ، الذي أحدث ردة الفعل هذه، والتي يدفع ثمنها الشعب اليمني".

إزاء ذلك، أكد الخبير الربيعي، أن الحوثيين يتحملون كامل المسؤولية، وقال: "ليرونا ما الذي سيعملونه، كما نراهم في وسائلهم الإعلامية وفي وسائل التواصل، وهم يقولون إسرائيل تجاوزت الخطوط، وأن الرد سيكون وسيكون، فهل تمتلكون القدرة والقوة، أم أن المسألة لا تتجاوز استحضار الداخل الذي يقع تحت تضليل دعائي لا يقدم ولا يؤخر، سوى الدمار لليمن واليمنيين".

مغامرات لا مسؤولة

الباحث الاقتصادي "فارس النجار"، لم يخف أسفه عما آلت إليه الأمور في اليمن، من تدمير للبنية التحتية الذي قال إنها "تعد من مقدرات الشعب اليمني، والتي بنيت على مدى عشرات السنين".

وقال لـ "برّان برس": "يؤسفنا التدمير الذي يطال البنية التحتية جراء التصرفات اللا مسؤولة للحوثيين، الذين عسكروا البر والبحر، وجعلوا من اليمن منطقة استهداف وإقلاق للسلم والأمن الدوليين"، معتبراً استهداف الحوثيين للسفن التجارية نوعاً من المغامرات اللا مسؤولة والتي قادت الدول الأخرى إلى تدمير البنية التحتية.

ويرى الباحث النجار، أن رفض الحوثيين لمساعي السلام هي التي أوصلت الأمور إلى هذه الدرجة، وقال: "بعد فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء، وتقديم كل بوادر السلام، من أجل إعادة بناء المشهد اليمني أصرت مليشيا الحوثي أن تستخدم هذه الموانئ، لإقلاق السكينة وتهريب السلاح ولقتل اليمنيين".

وأوضح، أن الجماعة، استفادت من ميناء الحديدة، فقط ما يزيد عن ملياري وستمائة مليون دولار خلال عامين، وقال "إن تلك الأموال ناتجة فقط عن الرسوم الضريبية والجمركية، وكذلك من هامش الربح من بيع المشتقات النفطية"، إلى جانب 50 % من  المشتقات النفطية، ذكر أنها تأتي كدعم من أيران.

وأضاف: "للأسف الشديد استخدمت الجماعة كل تلك الأموال لقتل ليمنيين ولإقلاق السلم فهذا القصف كما يقال هو الكي، فلم يكن أمام العالم لردع هذه الجماعة إلا تجفيف منابع تمويلها".

وقدّر الخسائر نتيجة القصف الذي طال موانئ الحديدة ومطار صنعاء ومصانع الأسمنت في باجل وعمران، ومحطات الكهرباء في صنعاء، بأنها تصل إلى أكثر من 3 مليارات دولار، مضيفاً: "وعلى الرغم أنها محزنة لنا كيمنيين من تدمير للبنية التحتية، ولكنها تعد إحدى الوسائل الأخيرة التي وصل إليها العالم لتجفيف منابع هذه الجماعة التي لم تعد خطراً على اليمنيين فقط، بل خطرها اليوم على المستوى الإقليمي والدولي".

 ويرى "النجار" أن "إغلاق ميناء الحديدة الذي كان يعد المورد الرئيس للإيرادات التي تحصل عليها مليشيا الحوثي وغير ذلك سيخفف من الإيرادات التي تجنيها هذه الجماعة، ويزيد من عزلتها  وحصارها اقتصادياً"، مشيراً إلى أن هذا الخيار وإن تأخر، لكنه خير من أن لا يأتي.

ولفت إلى أن كل الإجراءات التي ستجفف من منابع الحوثيين مرحب بها، لإجبارهم في الدخول في عملية السلام، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات وحدها لا تكفي لذلك لا بد من تحركات عسكرية باتجاه الحديدة وغيرها، فهي كفيلة لإرضاخ الجماعة المدعومة إيرانيًا.

مواضيع ذات صلة