|    English   |    [email protected]

"المبعوث الأممي" محذراً مجلس الأمن: الوضع في اليمن لا يحتمل والبلاد عالقة في دوامة التوترات الإقليمية والمواقف تزداد تصلبًا (نص الإحاطة)

الأربعاء 14 مايو 2025 |منذ 5 ساعات
المبعوث الاممي "هانس غروندبرغ" المبعوث الاممي "هانس غروندبرغ"

برّان برس:

حذر مبعوث الأمين العام للأمم الخاص إلى اليمن "هانس غروندبرغ"، الأربعاء 14 مايو/ أيار، بأن الوضع الحالي في اليمن لا يحتمل، مشيراً إلى أن أحداث الأسابيع الأخيرة، كشفت بوضوح أن البلاد ما تزال عالقة في دوامة التوترات الإقليمية الأوسع.

جاء ذلك في إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي، أكد فيها أن هجوم الحوثيين على مطار بن غوريون، والقصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة ومطار صنعاء يمثل تصعيداً خطيراً، واستمراراً للتهديدات والهجمات.

كما رحب في مستهلها بالإعلان الصادر في 6 مايو عن وقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة والحوثيين، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تعد "تخفيفاً مهماً وضرورياً للتصعيد في البحر الأحمر واليمن عقب استئناف الضربات الجوية الأمريكية في منتصف مارس/ أذار".

وإزاء الاتفاق ذاته شكر المبعوث الأممي جهود سلطنة عمان، لافتاً إلى أنه "بات من الجلي أن التهدئة في البحر الأحمر والمنطقة بشكل عام أمر لا غنى عنه لإعادة اليمن إلى مسار السلام". 

مع ذلك أشار إلى أن المواقف في اليمن، تزداد تصلباً بمرور الوقت، وتصبح التحديات أكثر تعقيداً، وقال: "قد يتساءل البعض عما إذا كانت خارطة الطريق ما تزال سارية، إجابتي تظل ثابتة تماماً: يبقى اليمن بحاجة إلى عناصر خارطة الطريق - من وقف إطلاق للنار، والتعافي الاقتصادي، وعملية سياسية جامعة للمضي قدماً".

واستدرك بالقول: "لكنني أعي تماماً أن بيئة الوساطة قد شهدت تغيرات كبيرة منذ أواخر عام 2023، وأن هناك حاجة لضمانات إضافية تمكن الأطراف من المشاركة وتضمن دعم المنطقة، والمجتمع الدولي، وهذا المجلس".

ووفق "غروندبرغ"، فإن الإعلان الصادر في 6 مايو يشكل فرصة مرحب بها ينبغي البناء عليها بشكل جماعي لإعادة تركيز الجهود نحو حل للنزاع في اليمن وتعزيز عملية سلام يقودها اليمنيون. 

ولفت إلى أن التحديات التي تواجه اليمن هائلة، من حالة عدم الثقة العميقة بين الأطراف، حيث ما يزال البعض يُعد للحرب، وفقاً للتقارير، إلى الانهيار الاقتصادي الوشيك.

وفي الجانب الاقتصادي، أكد المبعوث الأممي، أن العملة شهدت تدهوراً متواصلاً خلال الشهر الماضي، حيث تجاوز سعر الصرف 2,500  للريال اليمني مقابل الدولار.

وقال إن "المواطنين يواجهون تدهوراً مستمراً في خدمات الكهرباء في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، حيث تفيد التقارير الأخيرة إلى انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 15 ساعة يومياً في عدن، وانقطاع كامل دام لأكثر من أسبوعين في محافظتي لحج وأبين المجاورتين".

وفي المقابل، ذكر "غروندبرغ" أن السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، يعانون أيضاً تدهوراً في القدرة الشرائية، حيث لم تُصرف رواتب موظفي الخدمة المدنية بشكل كامل منذ سنوات، وتدهورت جودة أوراق العملة، وازداد شح السيولة النقدية. 

وشدد على أن التدهور الاقتصادي العام يُبرز في كافة أنحاء اليمن مدى الحاجة الملحة لمسار سياسي يسمح بالتعاون اللازم للنمو الاقتصادي، مشيراً إلى أنه سيستمر في العمل بشكل مكثف مع الأطراف اليمنية والشركاء الإقليميين لإيجاد حلول للتحديات الاقتصادية واستئناف الحوار لتحقيق هذا الهدف.

وقال: "لقد كنت واضحاً وثابتاً في نهجي منذ البداية وسأظل كذلك، بأن تلتزم الأمم المتحدة بتقديم بديل عملي يمنع التصعيد العسكري والاقتصادي، ويمنع احتمالية العودة إلى الحرب،" مؤكداً مواصلته العمل على جمع الأطراف على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حلول مقبولة للجميع ومتفق عليها. 

وأشار إلى أنه وسط هذا الكم من الاضطرابات وفقدان الثقة، أن العملية السياسية هدف غير واقعي وساذج، مضيفاً "أنا هنا لأوضح أن هذا التصور غير صحيح، فالواقع هو أن الأطراف قد التزمت بالفعل بالأسس التي ينبغي أن تشكل نقطة بداية لعملية سياسية في اليمن، منها وقف إطلاق نار على مستوى البلاد، واتخاذ تدابير لمعالجة القضايا الاقتصادية والإنسانية العاجلة، وعملية سياسية جامعة. 

وبيّن أنه يتعين الوفاء بهذه التزامات لتحقيق سلام مستدام - وسيظل هذا الأمر قائماً الآن وفي المستقبل، ويمكن لليمنيين جميعاً أن يطمئنوا: ستبقى الأمم المتحدة ملتزمة ومستعدة في دعمها لحل تفاوضي ينهي النزاع ويحقق سلاماً عادلاً وشاملاً ومستداماً.

وفي إحاطته، حذر المبعوث الأممي بأن الوضع الحالي في اليمن لا يحتمل، رغم أن خطوط الجبهة تبدو في الوقت الراهن مستقرة نسبياً، إلا أن ما يعيشه اليمن حالياً لا يمكن اعتباره سلاماً حقيقياً. 

ودعا إلى استمرار انخراط المجتمع الدولي لدعم اليمنيين في تحقيق تطلعاتهم نحو بناء وطن مستقر، مزدهر وآمن، مؤكداً في الوقت نفسه أن دعم جيران اليمن والشركاء الدوليين يعد ضرورياً لضمان عملية سياسية جامعة يقودها اليمنيون.

وتطرق في ختام إحاطته إلى قضية الاحتجاز التعسفي وغير القانوني والمطول من قبل الحوثيين لموظفي الأمم المتحدة، إلى جانب موظفي المنظمات الدولية والوطنية، والمجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية. 

وقال "إن احتجازهم لا يشكل انتهاكاً للقانون الدولي فحسب، بل تسبب في إثارة مخاوف جدية على مستوى المجتمع الدولي، والذي لا يؤدي في نهاية المطاف إلا إلى نتيجة واحدة وهي تقويض الدعم المقدم لليمن، والذي سيؤثر للأسف على الفئات الأكثر احتياجاً من اليمنيين".

نص الإحاطة:

السيد الرئيس، شهدت الأوضاع في اليمن والمنطقة تطورات متسارعة منذ إحاطتي السابقة لهذا المجلس. اسمحوا لي بدايةً بالترحيب بالإعلان الصادر في 6 مايو عن وقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة وأنصار الله. تعد هذه الخطوة تخفيفاً مهماً وضرورياً للتصعيد في البحر الأحمر واليمن عقب استئناف الضربات الجوية الأمريكية في 15 من مارس ضد أهداف في مناطق خاضعة تحت سيطرة أنصار الله. أود أن أعبر عن خالص امتناني لسلطنة عمان على جهودها في التوصل إلى هذا الاتفاق. كما أكدت مراراً وتكراراً، بات من الجلي أن التهدئة في البحر الأحمر والمنطقة بشكل عام أمر لا غنى عنه لإعادة اليمن إلى مسار السلام.

ومع ذلك، فقد كشفت أحداث الأسابيع الأخيرة بوضوح أن اليمن لا يزال عالقاً في دوامة التوترات الإقليمية الأوسع. فالهجوم الذي شنته أنصار الله على مطار بن غوريون في 4 مايو، وما تلاه من رد إسرائيل بضربات على ميناء الحديدة ومطار صنعاء ومواقع أخرى، يمثل تصعيداً خطيراً. وللأسف، تستمر التهديدات والهجمات. أجدد دعوتي لجميع الأطراف للوفاء بالتزاماتها وفقاً للقانون الدولي، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.

رغم ذلك، فإن الإعلان الصادر في 6 مايو يشكل فرصة مرحب بها ينبغي البناء عليها بشكل جماعي لإعادة تركيز الجهود نحو حل للنزاع في اليمن وتعزيز عملية سلام يقودها اليمنيون. ان التحديات التي تواجه اليمن هائلة: من حالة عدم الثقة العميقة بين الأطراف، حيث لا يزال البعض يُعد للحرب، وفقاً للتقارير، إلى الانهيار الاقتصادي الوشيك.

وفي دلالة واضحة على عمق الأزمة الاقتصادية التي يمر بها اليمن، شهدت العملة تدهوراً متواصلاً خلال الشهر الماضي، حيث تجاوز سعر الصرف 2,500  للريال اليمني مقابل الدولار، ويواجه المواطنون تدهوراً مستمراً في خدمات الكهرباء في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، حيث تفيد التقارير الأخيرة إلى انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 15 ساعة يومياً في عدن، وانقطاع كامل دام لأكثر من أسبوعين في محافظتي لحج وأبين المجاورتين. يوم السبت، خرجت النساء إلى الشوارع في عدن للاحتجاج والمطالبة بتحسين الخدمات العامة وحقوقهن الأساسية. في المقابل يعاني السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة أنصار الله أيضاً تدهوراً في القدرة الشرائية، حيث لم تُصرف رواتب موظفي الخدمة المدنية بشكل كامل منذ سنوات، وتدهورت جودة أوراق العملة، وازداد شح السيولة النقدية. ومع تفاقم عدم قدرة المواطنين على شراء أبسط السلع الأساسية، تتعرض أصوات المجتمع المدني هناك للقمع. في هذا الصدد، أرحب بإحاطة السيدة المأمون من مركز المدنيين في الصراع.

السيد الرئيس، يُبرز التدهور الاقتصادي العام في كافة أنحاء اليمن مدى الحاجة الملحة لمسار سياسي يسمح بالتعاون اللازم للنمو الاقتصادي. أستمر في العمل بشكل مكثف مع الأطراف اليمنية والشركاء الإقليميين لإيجاد حلول للتحديات الاقتصادية واستئناف الحوار لتحقيق هذا الهدف.

السيد الرئيس، لقد كنت واضحاً وثابتاً في نهجي منذ البداية وسأظل كذلك. تلتزم الأمم المتحدة بتقديم بديل عملي يمنع التصعيد العسكري والاقتصادي، ويمنع احتمالية العودة إلى الحرب، وسنواصل العمل على جمع الأطراف على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حلول مقبولة للجميع ومتفق عليها. قد يبدو للبعض، السيد الرئيس، أنه وسط هذا الكم من الاضطرابات وفقدان الثقة، أن العملية السياسية هدف غير واقعي وساذج. أنا هنا لأوضح أن هذا التصور غير صحيح. فالواقع هو أن الأطراف قد التزمت بالفعل بالأسس التي ينبغي أن تشكل نقطة بداية لعملية سياسية في اليمن: وقف إطلاق نار على مستوى البلاد، واتخاذ تدابير لمعالجة القضايا الاقتصادية والإنسانية العاجلة، وعملية سياسية جامعة. يتعين الوفاء بهذه التزامات لتحقيق سلام مستدام - وسيظل هذا الأمر قائماً الآن وفي المستقبل. يمكن لليمنيين جميعاً أن يطمئنوا: ستبقى الأمم المتحدة ملتزمة ومستعدة في دعمها لحل تفاوضي ينهي النزاع ويحقق سلاماً عادلاً وشاملاً ومستداماً.

ومع ذلك، أقر بأن المواقف تزداد تصلباً بمرور الوقت، وتصبح التحديات أكثر تعقيداً. قد يتساءل البعض عما إذا كانت خارطة الطريق لا تزال سارية. إجابتي تظل ثابتة تماماً: يبقى اليمن بحاجة إلى عناصر خارطة الطريق - من وقف إطلاق للنار، والتعافي الاقتصادي، وعملية سياسية جامعة للمضي قدماً. لكنني أعي تماماً أن بيئة الوساطة قد شهدت تغيرات كبيرة منذ أواخر عام 2023، وأن هناك حاجة لضمانات إضافية تمكن الأطراف من المشاركة وتضمن دعم المنطقة، والمجتمع الدولي، وهذا المجلس.

السيد الرئيس، يتطلع اليمنيون للمضي قدماً، فالوضع الحالي لا يٌحتمل. ورغم أن خطوط الجبهة تبدو في الوقت الراهن مستقرة نسبياً، إلا أن ما يعيشه اليمن حالياً لا يمكن اعتباره سلاماً حقيقياً. من الضروري استمرار انخراط المجتمع الدولي لدعم اليمنيين في تحقيق تطلعاتهم نحو بناء وطن مستقر، مزدهر وآمن. كما أن دعم جيران اليمن والشركاء الدوليين يعد ضرورياً لضمان عملية سياسية جامعة يقودها اليمنيون. ومنذ إحاطتي الأخيرة، عقدت اجتماعات مع الأطراف والسلك الدبلوماسي في الرياض ومسقط، مؤكداً على هذه الرسالة.

السيد الرئيس، ومع اقترابي من اختتام كلمتي، أود أن اطرح مجدداً قضية الاحتجاز التعسفي وغير القانوني والمطول من قبل أنصار الله لموظفي الأمم المتحدة، إلى جانب موظفي المنظمات الدولية والوطنية، والمجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية. إن احتجازهم لا يشكل انتهاكاً للقانون الدولي فحسب، بل تسبب في إثارة مخاوف جدية على مستوى المجتمع الدولي، والذي لا يؤدي في نهاية المطاف إلا إلى نتيجة واحدة وهي تقويض الدعم المقدم لليمن، والذي سيؤثر للأسف على الفئات الأكثر احتياجاً من اليمنيين. أرحب بالإفراج الأخير عن موظفين من السفارة الهولندية والمنظمات الدولية، مما يثبت أن ذلك ممكن بالفعل، لكن هذه الإفراجات تظل غير كافية على الإطلاق آمل أن يسمع أنصار الله ما أقوله بوضوح: غيروا النهج وأطلقوا سراح المحتجزين المتبقين فوراً ودون شروط، وضعوا حداً لهذا الوضع غير المقبول.

السيد الرئيس، لقد عانى اليمنيون لأكثر من عشر سنوات من عدم الاستقرار والاضطرابات والانهيار الاقتصادي. أتوجه إليهم بشكل مباشر لأؤكد ما قلته من قبل: أعلم حجم معاناتكم، وأسمع ندائكم، ولن نتجاهلكم - سأبقى ملتزماً ببذل كل جهد لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن. إلى الأطراف، أحثكم على التحلي بالشجاعة واختيار الحوار ستظل الأمم المتحدة ملتزمة في دعمكم لإيجاد تسوية تفاوضية لهذا النزاع. وأخيراً، إلى الحاضرين هنا اليوم في هذه القاعة لقد أوكلت العضوية العالمية للأمم المتحدة إلى هذا المجلس المسؤولية الأساسية عن صون السلام والأمن. وينطبق ذلك بشكل خاص على اليمن. لا يمكن تحقيق السلام والأمن الحقيقيين في اليمن إلا من خلال الالتزام الدولي والتنسيق ونهج مشترك وطويل الأمد. لذلك، يجب علينا مضاعفة جهودنا لتقديم بديل موثوق للحرب ورؤية لليمن تتجاوز الوضع الراهن والركود. إنني ممتنّ لوحدتكم ودعمكم المستمرّين لجهودي الرامية إلى تحقيق يمن ينعم بالسلام والاستقرار والازدهار.

شكراً لك السيد الرئيس.

مواضيع ذات صلة