مؤتمر فلسطين في صنعاء.. الشرعنة الناعمة لجماعة الحوثي والحكومة غائبة!

توفيق الحميدي
في ظل الحرب المفتوحة والانهيار المتواصل لمؤسسات الدولة، تفاجأ اليمنيون والعالم بتنظيم جماعة الحوثي مؤتمرًا سياسيًا في العاصمة صنعاء، خلال الفترة من 22 إلى 25 مارس، تحت شعار “دعم القضية الفلسطينية”.
لكن خلف الشعارات البراقة، يقف مشروع سياسي واضح المعالم، هدفه الأساسي هو شرعنة الجماعة دوليًا، وكسر الحصار الدبلوماسي المفروض عليها، لا أكثر. المؤتمر حظي بحضور وفود من جنسيات متعددة، بما فيهم أمريكيون وأوروبيون، رغم تصنيف الجماعة كإرهابية من بعض حكوماتهم.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: أين الحكومة اليمنية؟
كيف سُمِح بدخول هذه الوفود إلى العاصمة المحتلة دون أي موقف رسمي؟
لماذا لم يصدر حتى الآن بيان إدانة أو تحرك دبلوماسي من قبل وزارة الخارجية أو البعثات الدبلوماسية اليمنية في الخارج؟
ما حدث لا يمكن وصفه إلا باختراق سياسي خطير، وعدوان دبلوماسي ناعم ضد الدولة اليمنية.
جماعة الحوثي، التي فشلت في الحسم العسكري، باتت تلعب اليوم على أوراق أكثر حساسية: السياسة والشرعية الدولية.
وهي تحاول عبر مؤتمرات كهذه أن تعيد تقديم نفسها كـ”فاعل سياسي شرعي”، يحظى باعتراف دولي غير مباشر، ويستثمر في القضية الفلسطينية لتبرير سلطته والانقلاب على الدولة اليمنية.
في المقابل، تبدو الحكومة الشرعية وكأنها بلا بوصلة، غارقة في الصراعات والفساد ومناكفات “الديكة”، وعاجزة عن القيام بأبسط واجباتها الدبلوماسية والسيادية.
إن مسؤولية الحكومة في هذا السياق واضحة:
1. إصدار بيان رسمي عاجل يدين هذا المؤتمر، ويعتبره نشاطًا سياسيًا معاديًا للدولة اليمنية.
2. إدراج أسماء المشاركين الدوليين في المؤتمر ضمن قوائم سوداء كأعداء للجمهورية اليمنية.
3. التحرك العاجل لدى الدول التي ينتمي لها الحاضرون، وطلب توضيحات رسمية عن مشاركة رعاياها في مؤتمر لجماعة إرهابية.
4. تحريك العمل الدبلوماسي والإعلامي لفضح هذه المناورة الحوثية على مستوى الرأي العام الدولي.
إذا لم تُدرك الحكومة خطورة ما حدث، فإنها تُسلم أوراق السيادة السياسية على طبق من ذهب لجماعة انقلابية، ما تزال تمارس القتل والقمع والإرهاب في مناطق سيطرتها.
المعركة اليوم لم تعد عسكرية فقط، بل سياسية وإعلامية ودبلوماسية، ومن يخسرها، يخسر الوطن.