|    English   |    [email protected]

قحطان بين إرهاب الحوثيين وصمت العدالة

الأحد 6 أبريل 2025 |منذ أسبوع
د. عارف محمد الحوشبي

د. عارف محمد الحوشبي

لقد مرّت أكثر من عشر سنوات منذ اختطاف السياسي البارز والقيادي في التجمع اليمني للإصلاح الأستاذ محمد قحطان على يد جماعة الحوثي المتمردة والمدرجة في قائمة المنظمات الإرهابية، ولا يزال مصيره حتى اليوم مجهولًا. لقد استطاع خاطفوه خلال عقدٍ من الزمن وما زالوا حتى اليوم، إخفاء صوت من كان يُعرف بـ"رجل الحوار"، دون أن يسمحوا لأهله أو لأي جهة قانونية أو إنسانية بلقائه أو التأكد من سلامته متجاهلين كل النداءات المحلية والدولية. ورغم إدراج قضيته ضمن قرارات مجلس الأمن الدولي فإن الجماعة الحوثية لم تُبدِ أي استجابة بل على العكس من ذلك، ما زالت مستمرة في جريمة الإخفاء القسري في تحدٍ صارخ لكل القوانين الإنسانية والدولية.

يُعدّ الأستاذ محمد قحطان أحد أبرز الوجوه السياسية في اليمن، وقد عُرف عنه التزامه بالحوار والوسائل السلمية لحل الخلافات، وكان أحد أبرز ممثلي حزبه في مؤتمر الحوار الوطني الذي انطلق في 2012. وخلال ذلك حمل قحطان رؤى سياسية معتدلة وساهم في بناء جسور التواصل بين مختلف القوى السياسية، مما جعله هدفًا لمن يرفضون التعددية والحوار وفي مقدمتهم جماعة الحوثي الإرهابية المتمردة. ففي 4 أبريل 2015، قامت الجماعة باختطافه واقتادته إلى جهة مجهولة دون أي مسوّغ قانوني أو توجيه أي تهمة إليه. ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم لم تُكشف أي معلومات مؤكدة عن مصيره أو مكان احتجازه ولم يُسمح لأسرته أو محاميه بزيارته إذ التزمت الجماعة الصمت، متجاهلة كل القوانين المحلية والدولية التي تُجرّم الإخفاء القسري.

إن غياب قحطان لم يكن مجرد تغييب لشخصية سياسية بارزة بل ضربة لروح العمل السياسي السلمي في اليمن فقد ترك غيابه فراغًا في الساحة السياسية وأثار موجات من الألم والمعاناة لأسرته ومحبيه الذين عاشوا سنوات من الانتظار القاتل والمناشدات المتكررة. لقد تحولت قضيته إلى واحدة من أبرز رموز الإخفاء القسري في اليمن وأصبحت شاهدًا حيًا على الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية الإرهابية بحق الخصوم السياسيين.

لقد طالبت العديد من المنظمات الحقوقية، المحلية والدولية بالإفراج عن قحطان واعتبرت استمرار إخفائه جريمة إنسانية. كما أن مجلس الأمن الدولي ذكر قضيته في قراره رقم 2216 لعام 2015، داعيًا إلى الإفراج الفوري عنه. ومع ذلك لم تُتخذ أي خطوات حازمة لإجبار الحوثيين على الالتزام بما ورد في ذلك القرار.

وعلى الرغم من مرور أكثر من عقدٍ من الزمن إلا أنه لم يصدر عن جماعة الحوثي أي بيان يوضح مصير قحطان كما أنها لم تسمح لأي جهة محايدة بالتواصل معه أو التأكد من حالته. وهذا الصمت المريب يعكس سياسة الإفلات من العقاب التي تمارسها الجماعة بحق المختطَفين والمخفيين قسرًا ويبرز الحاجة الماسّة إلى آلية دولية فاعلة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

إن قضية الأستاذ محمد قحطان ليست شأنًا حزبيًا أو سياسيًا فحسب بل هي قضية إنسانية وأخلاقية تمسّ كل من يؤمن بالعدالة والكرامة وحق الإنسان في الحرية والتعبير. ولذا، فإن نداءات الإفراج عنه يجب أن تستمر ويجب أن تتضاعف الجهود الحقوقية والدبلوماسية للضغط على جماعة الحوثي للكشف عن مصيره والإفراج عنه فورًا فغيابه طيلة هذه السنوات جرحٌ مفتوح في جسد اليمن لا يندمل إلا بعودته حيًا وسالمًا إلى أهله ومحبيه.