|    English   |    [email protected]

مجلس القيادة الرئاسي.. 3 أعوام من التشكيل

الجمعة 11 أبريل 2025 |منذ شهر
محمد نبراس العميسي

محمد نبراس العميسي

ليس من الإنصاف في شيء أن نُغرق مجلس القيادة الرئاسي في نزعة التقييم البارد، وكأنه كيان إداري محض، بينما هو في جوهره محاولة لتصحيح انكسار روحي في بنية شرعية الدولة اليمنية التي تضررت تباين الوجهات، لقد جاء كنوع من المصالحة مع الذات الجمهورية الواحدة، بعدما أرهقها الانحياز، وكبلها الاستقطاب الخارجي، وأضناها الصراع البيني. 

وللعل أهم ما فعله المجلس أنه منح فكرة الشرعية معنى جديداً؛ لم تعد محصورة في تشكيل أو فرد، بل توزعت كحِمل جمعيّ على كاهل ثمانية رجال، يختلفون في الملامح، ويتباينون في الخلفيات، لكنهم اجتمعوا تحت مظلة واحدة "اليمن".

ولعل هذه التركيبة، على تعقيدها، منحت المجلس مشروعية أخلاقية لا يمكن إنكارها. فأن تُوكل السلطة لمجموعة، يعني أنك تراهن على الشورى في وجه التسلط، وتفتح للبلد باباً نحو التعددية، مهما شاب التجربة من عثرات.

هل حقق المجلس إنجازات؟ نعم، لكننا بحاجة لإعادة تعريف الإنجاز"
 في زمن الحرب. فأن تُبقي على الدولة حيّة، أن تمنع سقوط ما تبقى من المؤسسات، أن تصمد في وجه الانهيار، فذلك في حد ذاته إنجاز لا يُستهان به.
أمّا على الصعيد السياسي، فقد استطاع المجلس تثبيت موقع اليمن في الخارطة الدولية، حافظ على تحالفاته، وجعل من قضية اليمن ملفاً حاضراً في أروقة القرار الإقليمي والدولي. 

أجمل ما يمكن قوله عن المجلس أنه أرسى مفهوم الشراكة في المسؤولية، مسؤولية بناء الدولة وجعل من العمل السياسي اليمني مساراً تفاوضياً دائماً، لا مجرد نزاع صفري. وهو بهذا أعاد بعض الثقة إلى المجتمع اليمني، بإعادة تجميع الصف الجمهوري وتوجيه مساره إلى استعادة الدولة. 

لقد تحوّل المجلس، بمرور الوقت، إلى مساحة اختبار لمدى قدرة اليمنيين على التعايش وتغليب المصلحة الوطنية على الأهواء الشخصية والارتضاء بالتجند في صفوف العمالة والارتهان، صحيح أنه لم يصل إلى هدف معين، لكن وجوده، كفكرة، كهيئة، كرمزية، شكل رعب على الانقلاب. 

في الذكرى الثالثة، لا نحتفل بإنجازات صلبة بقدر ما نتأمل رحلة شاقة في درب مليء بالمطبات. نحن لا نطلب من المجلس معجزات، بل نطلب منه فقط أن يظل وفياً للفكرة التي وُلد من أجلها: استعادة الدولة الجمهورية وتحرير البلاد من سطوة الانقلابيين.