"سهيل وأنا سهيل في ليلتي سبعين سيل".. مثل يمني قديم، يشير إلى أن موسم دخول نجم سهيل، يستبشر فيه اليمنيون بغزارة الأمطار، مع دخول موسم “سهيل” خلال ساعات الليل، رغم اعتدال الاجواء وتراجع درجات الحرارة. 

ويتخذ العرب منذ القدم، وحتى اليوم من نجم "سهيل اليماني"، معلماً لاعتدال الأجواء عند ظهوره فجراً في الجنوب الشرقي للأرض، فيما يتخذه اليمنيون معلما لغزارة الأمطار عند ظهوره. 

ومن خلال متابعة مختص المناخ والفلك في "بران برس"، لمنازل النجوم، فقد بدأ موعد طلوع نجم "سهيل"، بالظهور من تمام الساعة 5:23 صباح الجمعة، حيث يتقدم طلوعه يوماً بعد آخر بفارق 4 قائق، وسيكون مرئياً بالعين المجردة في اليمن، عند الرابعة والنصف من فجر الثاني عشر من أغسطس/آب المقبل.

ويعد شهر أغسطس/آب من كل عام، هو موعد دخول موسم نجم سهيل في اليمن، وفي وسط وجنوب الجزيرة العربية يظهر في 24 اغسطس/آب من كل عام أو أواخر الشهر، ويعد ظهوره معلماً لنهاية موسم القيض أو ما يسمى في اليمن بـ "أربعين القيض" وموسمها يبدأ منتصف يونيو/حزيران من كل عام.

ويتزامن مع ظهور “نجم سهيل” اعتدال الأجواء، وهناك ارتباط وثيق بين “نجم سهيل” وانخفاض درجات الحرارة، وذلك نتيجة "الميل المحوري" للأرض خلال رحلة دورانها السنوية حول الشمس، ما يجعل نجوم تظهر مع بداية انتهاء فصل الصيف، ومنها نجم سهيل ونجمي “الشعرى اليمانية والشعرى الشامية، وكوكبة الجبار أو برج الجوزاء”، الذي تتوسطه نجوم "المشبّح" الثلاثة، أو حزام الجوزاء.

وعلميا، ثبت أنه لا علاقة لنجم سهيل في اعتدال الأجواء فهو نجم بعيد عن الأرض ولا تتأثر به، ولكنه معلم يستدل به على وصول الأرض إلى الميل المحوري الذي يؤدي إلى اعتدال الأجواء، ويتزامن معه ظهور نجم سهيل.

والاعتماد على النجوم في تحديد معالم الزراعة والمناخ والملاحة شائعاً عند العرب منذ القدم، ويقول الله سبحانه وتعالى: "وعلامات وبالنجم هو يهتدون" أي علامات يستدلون بها كمعلم لتحديد مواسم الزراعة والمناخ خلال أشهر العام، ويهتدون بها في السفر.

ومع التطور العلمي التقني في مجال علوم الفلك والعلوم الأخرى والتكنلوجيا ورغم كل ذلك لم يستغن العالم عن الاعتماد على النجوم في تحديد مواسم الزراعة والمناخ في العالم العربي.

وهناك ما يشير إلى اعتماد اليمنيين منذ القدم على نجم سهيل كمعلم مناخي موسمي، كتلك الأمثال اليمنية القديمة، ومنها المثل الذي يقول: "إذا دخل سهيل برد الماء وطال الليل"، وهذا المثل يشرح بالتفصيل أن ظهور نجم سهيل يتزامن مع اعتدال الاجواء وانخفاض درجات الحرارة وبدء طول ساعات الليل وتراجع ساعات النهار الذي يكون هو الأطول في ذروة فصل الصيف يوم وقوف أو تعامد الشمس على مدار السرطان يوم 21 يونيو/حزيران من كل عام.

وهناك مثل يمني آخر يقول "سهيل وأنا سهيل في ليلتي سبعين سيل"، ويشير هذا المثل إلى أن موسم دخول نجم سهيل يشهد أمطاراً غزيرة خلال ساعات الليل، واعتدال الأجواء وتراجع درجات الحرارة. 

ويعد نجم "سهيل" ثاني ألمع نجوم السماء بعد نجم "الشعرى اليمانية"، ويمكن مشاهدته خلال اغسطس واكتوبر وأشهر الشتاء في الجنوب باتجاه الشرق قليلاً، ويبعد عن الأرض نحو 310 سنوات ضوئية وعمره نحو 27 مليون سنة بحسب علماء الفلك.

وسمي "سهيل اليماني" بهذا الإسم للمعانه الشديد، فسهيل تعني الوسيم اللامع، ونُسب إلى اليمن لموقعه في السماء حيث يُشاهد جنوب الجزيرة العربية، ويستدل به العرب الطريق إلى اليمن.

وعلى الرغم من عدم الحاجة اليوم إلى الاستدلال بالنجوم لتحديد الاتجاهات، لا يزال نجم سهيل علامة يهتدى بها في الفضاء، خارج الارض، حيث تعتمد عليه وكالة الفضاء الدولية الأمريكية "ناسا" في تحديد الاتجاهات في الفضاء لتوجيه السفن والمركبات الفضائية.