|    English   |    [email protected]

كيف هزمت مأرب إيران!

الأحد 22 يونيو 2025 |منذ 7 ساعات
مجدي محروس

مجدي محروس

قرأت إيران خارطة اليمن جيدًا، وتوقفت كثيرًا عند خارطة مأرب، تأملت في الجغرافيا طويلًا دون أن تقرأ التاريخ.

وهي تتفحص الخارطة، أدركت طهران مدى أهمية مأرب في سبيل تحقيق أحلامها التوسعية وإنجاز هدفها في محاصرة المملكة السعودية، الخصم التقليدي لها.

وفي غمرة انشغالها بالجغرافيا، نسيت طهران أن تقرأ تاريخ المدينة السبئية وبأس أبنائها الشديد وهزيمتهم للإمبراطورية الفارسية.

هل فعلاً نسيت إيران هزائم إمبراطوريتها الآفلة وانكسارات الإمامة البائدة في مأرب؟! أم أنها جاءت بدافع من الثأر والانتقام؟!

في العام 2014 احتفت إيران بسقوط صنعاء، وانضمام العاصمة العربية الرابعة إلى الهلال الشيعي، لكنها ما لبثت أن شعرت بالقلق والخطر على مكاسبها حين تذكرت مأرب.

بدون مأرب، شعرت أن إنجازاتها تتآكل، وأنها لن تخسر صنعاء فقط، بل قد يكلفها الأمر اليمن كلها.

لم تكن مأرب بالنسبة لطهران مجرد جبهة حرب لتوسيع نفوذها في المنطقة، بل جعلت منها في فترة من فترات الصراع إحدى أوراق الضغط للمضي قدمًا في الملف النووي.

في السنوات التي أعقبت انسحاب ترامب من مباحثات الملف النووي في ولايته الأولى، كثفت إيران من هجماتها على مأرب، وشهدت المدينة أشرس المعارك وأعنفها.

رمت طهران بكامل ثقلها في جبهات مأرب، ولم تعتمد على "شيعة الشوارع" في إدارة المعركة، بل دفعت بالمئات من قادة الحرس الثوري، وخبراء فيلق القدس، وميليشيات حزب الله.

لم يكتف قادة الحرس الثوري بالإشراف على المعركة وحسب، بل خاضوها بأنفسهم، وقاد الضابط حسن إيرلو، سفير إيران وحاكمها في صنعاء، أنساق المنتحرين وكتائب الموت، وعلى تخوم المدينة لقي مصرعه.

أكثر من مرة وهم يحاولون إسقاط المدينة، وفي كل مرة يجدون أنفسهم غرقى في رمال صحرائها، وتائهين في وديانها وشعابها وجبالها.

لم تكن الطريق إلى مأرب سالكةً كما توهّم قادة إيران وموالوهم وعبيدهم من زنابيل المسيرة وقناديلها.

وفي الوقت الذي كانت تتصدى لهم مأرب برجولة وتقاتلهم بشرف، كان خبراء حزب الله والحرس الثوري، بكل حقارة وانحطاط، يوجّهون أسلحتهم وصواريخهم ومسيراتهم نحو المدنيين من النساء والأطفال والنازحين، سواء في التجمعات السكانية أو في مخيمات النزوح.

تحفظ مأرب في بطنها أجساد ودماء عشرات الآلاف من خيرة وأشرف رجالات اليمن، ممن قتلتهم إيران وميليشياتها وهي تحاول السيطرة على المحافظة.

ورغم الأثمان الباهظة والكلفة المضاعفة التي دفعتها مأرب من دماء ودموع أبنائها والساكنين بها، إلا أنها لم تمنح طهران فرصة للانتصار، وغادرها إيرلو دون أن يفطر من تمرها.

لقد هلك نصر الله وقادة حزبه ممن شاركوا في معارك مأرب بفعل الضربات الإسرائيلية، وفي نفوسهم شيء من مأرب.

لسنا بحاجة اليوم إلى إحصاء خسائرنا أو تعداد شهدائنا وحصر جراحنا لنثبت وحشية إيران وقبحها!

جرائم إيران غير قابلة للعد، وانتهاكاتها تفوق القدرة على الحساب، وقبحها يتجاوز حدود المعقول.

ولهذا لسنا ملزمين بتبرير موقفنا من الاحتراب الدائر بين أعدائنا، لأن من حقنا أن نفرح بهلاكهم، وفي ذلك شفاء للصدور.