تقرير خاص أعده لـ“بران برس” - أمة الغفور السريحي:
عبیر الحميدي (47 عامًا)، إعلامية نازحة في محافظة مأرب، تقضي عيد أضحاها العاشر بمناطق النزوح، ومثلها آلاف النازحين في محافظة مأرب (شمالي شرق اليمن) .
تقول “عبير” لـ“برّان برس”: منذ سنوات لم أر والدتي ولا إخواني وأخواتي.. عشر سنوات لا احتسبها من عمري؛ لأني لم أر فيها أمي ولم أقبلها في الأعياد، ولم أتمكن من الإرتماء في حضنها لأبكي عند حزني وألمي”.
وأضافت مُستذكرةً الأعياد قبل النزوح: “النزوح أخذ منا فرحتنا وابتهاجنا بالعيد، غابت تمامًا لمة العائلة ومظاهر العيد التي أعتدناها، كل شيء اختلف تماما فيما يخص الأعياد وطقوسها”.
وجدنا البدائل.. ولكن!
وعن الوضع الاقتصادي، تقول “عبير” إنه “أثّر كثيرًا على النازحين”، متحدثة عن صعوبة التسوق وشراء احتياجات العيد، وقلة المنتزهات والأنشطة الترفيهية “وهو ما جعل العزلة هي السائدة”.
وأضافت في حديثها لـ“بران برس”: “صحيح أننا وجدنا بدائل هنا في أماكن النزوح، ولكنها ليست بالشكل المطلوب والذي نتمنى.. اعتدنا على هذا الأمر، ولكن الأعياد دائمًا ما تجلب معها الحنين والشوق للأهل والديار ولكل شيء جميل فقدناه بسبب الحرب والنزوح”.
وعن وضع الأطفال خلال العيد، قالت: “دائمًا ما يشعر الأطفال بالحنين الشديد إلى منازلهم والأحباء الذين تركوهم خلفهم.. يشتاقون إلى العادات والتقاليد التي كانوا يحتفلون بها في قراهم”.
وذكرت أن “هذا الحنين يؤثر سلباً على فرحتهم ويسبب لهم الحزن والاشتياق”، متمنية أن “يعم السلام والأمن في اليمن عامة، وأن تفتح جميع الطرقات المغلقة، وتنتهي معهما معاناة النازحين”.
وبعيدًا عن الديار والأهل والأصدقاء، استقبل نحو 5 ملايين يمني عيد الأضحى المبارك في مناطق النزوح والشتات، ليضاف إلى قائمة الأفراح المنقوصة التي يعيشونها منذ نزوحهم.
مأرب الموطن
الدكتور نبيل الحوري، رجل أعمال نازح من محافظة صنعاء، يقول إن “صنعاء كانت تعني لي كل شيء.. ترابها وهواءها وماءها. بعد أن خرجنا منها مجبرين تركنا فيها كل شيء جميل.. أهلنا.. أحبابنا.. أقاربنا.. وانتقلنا إلى مأرب الحضارة والتأريخ”.
وأضاف “الحوري” لـ“برّان برس”، أن “مارب أصبحت عوضًا من الله عن كل ما فقدناه في صنعاء، فمأرب هي موطني ولم يعد لي في صنعاء سوى الذكريات الجميلة، لذلك حقيقة لا اعتبر نفسي نازح فيها”.
معاناة مضاعفة
الصحفي كمال حسن، يقول إن “الأعياد تأتي دائمًا لتنكأ الجرح مجددًا، وتضاعف من معاناة النازحين، وتذكرهم بمأساة النزوح”.
وأضاف أن “معاناة النازحين تتضاعف في المخيمات، كونهم يفتقرون أساسًا لمقومات الحياة الأساسية بالشكل المطلوب، فضلًا عن أنها لا توفر لهم سبل الترفيه التي تُساعدهم، وخصوصًا الأطفال على الفرحة بالعيد، وخلق أجواء من البهجة، في ظل الوضع المعيشي الصعب الذي يمرون به”.
وقال لـ“برّان برس”، إن “غياب القدرة على توفير احتياجات العيد للأطفال، مثل الملابس الجديدة، يضاعف من معاناة النازحين، ويُشعر الآباء بالعجز أمام أطفالهم”.
حزن وأمل بالعودة
من جانبها، قالت “أم أحمد”، وهي نازحة من محافظة صنعاء، إن “العيد بالنسبة لنا يوم حزين، نفتقد فيه أحبائنا وبيوتنا”، مضيفة لـ"برّان برس”: “نتذكر كيف كنا نحتفل في الماضي، ونشعر بالحزن على ما آل إليه حالنا”.
فيما قالت “أم محمد”، وهي نازحة أخرى من محافظة الحديدة: “نفتقد شعور العيد الحقيقي، شعور الفرح والبهجة”، مضيفة: “في مخيمات النزوح، كل شيء صعب، حتى شراء أضحية العيد بات حلمًا بعيد المنال بالنسبة لكثير منا”.
وتقول لـ“برّان برس”، إنّ ”العيد يذكر النازحين بوطنهم وذكرياتهم الجميلة، ممّا يُعزّز فيهم الأمل بالعودة ولو بعد حين”.
وإلى ذلك، يقول أحمد، وهو شاب نازح من محافظة تعز، “نحتفل بالعيد على قدر الإمكان، ونحاول نشر الفرح بين الأطفال، لكننا في قرارة أنفسنا نحلم باليوم الذي سنعود فيه إلى بيوتنا ونعيش حياة طبيعية”.
ظروف صعبة
وعن أوضاع النازحين في مخيمات النزوح، قال مدير عام الوحدة التنفيذية للنازحين بمحافظة مأرب، سيف مثنى، إنهم “يعيشون ظروفًا صعبة تفتقر إلى الخدمات الأساسية كالمياه النظيفة، والصرف الصحي، والرعاية الصحية الكافية، إضافة إلى الفقر والبطالة، وهي من أكبر المشاكل التي تواجه النازحين، كونها تجعل الحياة اليومية تحدياً كبيراً فما بالك بأيام العيد”.
وأضاف “مثنى” في تصريح لـ“بران برس”، أن هناك تحديات يومية يواجهها النازحون خلال عيد الأضحى، ومنها نقص الموارد الغذائية، وضعف إمكانية شراء كساء العيد والهدايا، مما يؤثر على فرحة الأطفال خاصة مع ارتفاع الأسعار، والضغط النفسي الناتج عن العيش في بيئة غير مستقرة، وبعيدة عن الأهل والأصدقاء”.
تدخلات لتخفيف المعاناة
وقال إن هناك “جهود مبذولة لخدمة النازحين والتخفيف من معاناتهم وإظهار الفرحة لديهم في أيام عيد الأضحى المبارك”. موضحاً في تصريح لموقع “بران برس” أن الوحدة التنفيذية بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية، قامت بالعديد من الجهود لمساعدة النازحين والتخفيف من معاناتهم خلال عيد الأضحى المبارك”.
ومن ضمن هذه الجهود، وفق مثنى، “توزيع لحوم الأضاحي على العائلات النازحة، وتوزيع الملابس الجديدة والهدايا للأطفال لإدخال الفرحة على قلوبهم، إضافة لتقديم مساعدات مالية للعائلات النازحة لتلبية احتياجاتهم الأساسية خلال فترة العيد”.
وعن تدخلات المنظمات خلال العيد، أوضح “مثنى” أن هذا الدعم يشمل “توزيع لحوم الأضاحي على العائلات النازحة، وتوزيع السلال الغذائية، توفير ملابس جديدة وهدايا للأطفال. موضحًا أن “هذا الدعم من الممكن يخفف ولو القليل مما يعانيه النازحين، ويجعلهم يحتفون بالعيد بكرامة وسعادة رغم الظروف الصعبة التي يواجهونها”.
وتحتضن محافظة مأرب (شمالي شرق اليمن)، 2274453 نازحاً وبنسبة 73.67% من اجمالي النازحين في المحافظات المحررة، بحسب آخر إحصائية للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين وهي جهة حكومية.