مأرب درع الجمهورية وأمل المستقبل
أكرم الوليدي
بين أروقة التاريخ التي تتحدث بصمت عن نضال الشعوب، تبرز مأرب شامخة كرمزٍ للحياة والكرامة. هذه الأرض التي لم تخضع أو تنكسر، كانت وما زالت بوابة اليمنيين نحو المستقبل، وحصنًا منيعًا ضد قوى الظلم والطغيان. في الذكرى العاشرة لتأسيس مطارح مأرب، نجد أنفسنا نستعيد قصة الصمود، قصة محافظة أرادت لها الأقدار أن تكون الدرع الذي يحمي الجمهورية ويحفظ شرف الأمة.
لقد كانت مأرب، منذ اللحظات الأولى للهجمة الحوثية، نموذجًا حيًّا للإصرار على البقاء. فحين تداعت مدن اليمن وسقطت في قبضة العدو، رفضت مأرب أن تنضم إلى قائمة المدن المستسلمة، بل تحولت إلى قلب نابض للمقاومة الشعبية، وبدأت قصة جديدة تُكتب بدماء الأبطال الذين اختاروا الدفاع عن أرضهم وكرامتهم.
في تلك الأيام الحالكة، لم يكن الدفاع عن مأرب مجرد دفاع عن محافظة؛ بل كان صراعًا من أجل الجمهورية بأسرها. مأرب لم تقف في وجه العدو وحيدة، بل كانت الحصن الذي أعاد الأمل للشعب اليمني بأكمله. أصبحت مطارحها، بقبائلها وأهلها، نواةً لقوة شعبية عظيمة، من خلالها استطاعت صد الهجمات الإمامية الارتدادية التي سعت لإسقاط الجمهورية وتدمير ما تبقى من كيان الدولة.
الأبعاد التاريخية لهذا الموقف تتجلى في صلابة مأرب وإرادة رجالها، فمأرب لم تكن مجرد منطقة جغرافية، بل رمزًا للهوية اليمنية والجمهورية الحرة. لقد كانت الحاضنة لكل من شردتهم الحرب، فجمعت بين ربوعها القبائل والمكونات السياسية، ووحدتهم تحت راية واحدة، راية اليمن الحر. كما أسست لمرحلة جديدة من النضال، حيث تحولت إلى قاعدة عسكرية ومنطلق لعمليات تحرير المحافظات الأخرى.
واليوم، بعد عشر سنوات من الصمود الأسطوري، تتضح مكانة مأرب في التاريخ اليمني كرمزٍ للإرادة الوطنية. لقد مثلت الحصن الذي حمى الدولة من الانهيار، ونجحت في إجهاض المشروع الإيراني الساعي لتفتيت البلاد. ولم تتوقف مأرب عند الدفاع، بل كانت مهدًا لإعادة بناء المؤسسة العسكرية اليمنية، وقاعدة انطلاق نحو التحرير الكامل.
مأرب، بروحها الحضارية وصمودها الأسطوري، ليست فقط عنوانًا للثبات، بل هي منارة للأمل. إن الاحتفال بهذه الذكرى العاشرة لتأسيس مطارح مأرب هو احتفاء بروح الأمة، وتكريم للتضحيات التي قدمها أبناؤها في سبيل الحرية والكرامة. إن مأرب اليوم تواصل حمل مشعل الجمهورية، وتذكرنا دائمًا أن الشعوب التي تؤمن بحقها في الحياة والحرية لن تُهزم، مهما كانت التحديات. وفي هذه اللحظات التاريخية، نعود لنؤكد أن مأرب ستظل حصن اليمن المنيع، ومنارتها نحو مستقبل أفضل.