
برّان برس - وحدة التقارير:
في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2020، بدأت جماعة الحوثي المصنفة دولياً في قوائم الإرهاب تنفيذ حملة اعتقالات تستهدف الأمناء الشرعيين المشتغلين في تحرير وثائق بيع الأراضي، في العاصمة صنعاء، وكان منهم القاضي "القاضي محمد بن محمد صالح أبو الرجال".
وأصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة التابعة لجماعة الحوثي بعد ما يقارب من ثلاث سنوات من اعتقاله، حكماً بإعدام القاضي “أبو الرجال” رمياً بالرصاص، بتهمة الخيانة، والاتصال غير المشروع بدولة أجنبية، قالت مصادر مطلعة إن الدولة المقصودة “قطر”.
كما قضى حكم الحوثيين بالسجن سبع سنوات لـ153 من المتهمين وبراءة 50 متهماً في قضية تزوير محررات عقارية، والبسط على أراضي الدولة والوقف في منطقة "دار سلم" بمديرية سنحان في محافظة صنعاء.
ما القضية؟
"برّان برس" تتبع قصة القاضي "أبو الرجال"، وعند رجوع محرر المادة إلى حيثيات القضية، وجد أن اعتقال الحوثيين للقاضي "أبو الرجال" تزامن مع توجه لجماعة الحوثي للاستيلاء على أراضي شاسعة أطراف صنعاء الجنوبية، بحجة تبعيتها للأوقاف والدولة ولمواطنين ولأسر من النظام الإمامي البائد.
واعتقل "القاضي" في ديسمبر/كانون الأول من العام 2020م، مع 433 أميناً وقاضياً شرعياً، سمتهم الجماعة حينها عبر وسائل الإعلام التابعة لها بـ "منتحلي صفات الأمناء الشرعيين".
ومطلع أكتوبر/تشرين الأول 2021، بدأ الحوثيون محاكمة "أبو الرجال" ومن معه، بعد أن تقلص عدد المتهمين إلى 206، وأسندت الجماعة مهمة المحاكمة للقاضي، "يحيى عبدالكريم المنصور" كقاضٍ سلالي، كما يتهمه ناشطون ومحامون لانحيازه لما تراه جماعته.
عن ذلك، تقول مصادر حقوقية، إن "القاضي محمد أبو الرجال" تعرض لعقاب الحوثيين كونه دافع عن قضايا الأراضي، ومنها أراضي في "دار سلم" فاتهمته الجماعة بـ“التزوير والتلاعب”.
المصادر استدلت بإحدى القضايا المدّعمة بالوثائق، والتي كانت بين أسرة "العماد" والضابط في الجيش اليمني السابق "مهدي مقولة".
وقالت إن "أسرة العماد التي حاولت الاستيلاء على "عمارتين" لمقولة في شارع الستين بصنعاء، عبر تزوير ملكية الأرض، ووضع إمضاء القاضي "أبو الرجال" عليها، وهو ما نفاه أمام رئيس المحكمة بان البصائر ليست بخط يده كما أنه الإمضاء لا يعود له".
وعن حكم الإعدام يقول الإعلامي والناشط، "محمد الضبياني": "لفقوا للقاضي أبو الرجال تهماً مزيفة، وتداعت عصابة الخيانة الإيرانية باتهام أبو الرجال بالتخابر، القضية الأسخف في القرن"، مشيرًا إلى أن "أبو الرجال رفض التنازل عن أراضيه وأملاكه لعصابة السلالة".
ولفت إلى أن “جماعة الحوثي ساومت "أبو الرجال" من أجل تسليم وثائق الأملاك كي يخرجونه من سجنهم الظالم، لكنه رفض الرضوخ”، لمن أسماهم "عصابة اللصوص السلاليين".
وأضاف: "لأن أدراج الحوثيين ممتلئة باللؤم والجريمة والحقد والغدر قرروا أن أبو الرجال يتخابر مع دولة معادية كي يتفردوا بجريمتهم ويعلنوا للملأ خبثهم وحقارة مشروعهم".
من جهتهم، استنكر "آل أبو الرجال" في صنعاء القديمة حكم الحوثيين بحق ابنهم “محمد بن محمد أبو الرجال" معتبرين اتهامه بالخيانة والتخابر لدولة قطر “يدعو للدهشة”، حد تعبيرهم.
وفي رسالة مناشدة لقيادات جماعة الحوثي دعت أسرة "أبو الرجال" إلى "تشكيل لجنة تحقيق وإعادة النظر بالحكم وإجراء تحقيق وإيضاح المغبون".
وعبرت الأسرة في الرسالة التي اطلع عليها "برّان برس" عن استيائها وحزنها العميق، كون القاضي أبو الرجال، معروف بوطنيته" لافتة إلى "وقوع العدل ضحية للتجاوزات الفردية أو تأثيرات جانبية على ميزان العدالة".
وقالت إن “الحكم لم يقم على دليل شرعي ثابت ولا مستندا قانوني سليم" داعية "كل من لديه القدرة للتدخل"، مشيرة إلى أنها “ستواصل الانتصار لنجلها حتى تبرئته من التهمة الزائفة واستعادة كرامته وحقوقه المسلوبة".
ملف الأراضي في صنعاء
وعن ملف الأراضي، تحدثت مصادر خاصة لـ"برّان برس" بأن زعيم الجماعة أسند مهمة الأراضي في صنعاء، إلى أسرته، والتي اتهمها بـ“السعي إلى نهب ما يزيد عن 200 ألف لبنة".
وقالت: "حتى العام 2020 كان ملف الأراضي بيد شقيق زعيم الحوثيين "عبدالخالق الحوثي" الذي يقود المنطقة العسكرية المركزية، التابعة للحوثيين، والذي أشرف على الاستيلاء على مساحات واسعة مساحات واسعة من الأراضي مناطق دار سلم وضبر وحزيز وخيرة وسعوان وبني حشيش وهمدان".
وأشارت إلى أن “ملف الأراضي انتقل بعدها إلى "محمد علي الحوثي" عضو ما تسمى اللجنة الثورية العليا للحوثيين، الذي كان قد أنشأ في العام 2018 هيئة تناسب توجه الجديد في نهب الأراضي، وهي "اللجنة العليا للمنظومة العدلية" والذي قرر من خلالها منع بيع الأراضي إلا عبر تصاريح من وزارتي العدل والأوقاف الحوثية".
كما أن "محمد علي الحوثي" عمل على حصر الأراضي في العاصمة صنعاء، لمعرفة الأراضي المملوكة للشخصيات المناوئة لجماعته ومنها أراضي المشائخ والمسؤولين السابقين في النظام السابق، ليشرع في الاستيلاء عليها، عبر الأمناء الشرعيين، مع معاقبة الرافضين منهم لأي تحرير لوثائق أو عدم الإفصاح عن ما لديه من وثائق لأراضي، وفقا للمصادر.
وقالت إن جماعة الحوثي “جندت لهذه القضية، كل أجهزتها في صنعاء بما فيها الأمن والمخابرات، والإدارة العامة للأدلة الجنائية، والتي زعمت أنها فحصت وثائق الأراضي تعود بعضها إلى ما قبل 700 عام".