بران برس/ تقارير
عن عمر ناهز 82 عاما، توفي العلامة اليمني وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ عبدالمجيد الزنداني، في أحد مستشفيات إسطنبول في 22 أبريل/نيسان 2024، ونعاه علماء وسياسيون وإعلاميون وهيئات إسلامية عدة.
والزنداني ولد في 1942 بقرية الظهبي بمحافظة إب باليمن، وأسس جامعة الإيمان هناك، كما أسس الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة، ورأس مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح، وانشغل بتأصيل الإعجاز العلمي في النصوص الشرعية.
وعاش الزنداني في السعودية لسنوات، قبل وضعه قيد الإقامة الجبرية، والتضييق عليه، ما دعاه إلى الانتقال للإقامة في تركيا صيف 2020، وكان رافضا لانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية عام 2014، ودعا لمصالحة وطنية بين جميع الأطراف اليمنية.
وكان الشيخ مؤيدا لثورات الربيع العربي وأحد المناصرين لفلسطين والداعين للدفاع عنها، ولذلك نعته حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقالت إنه كان خلال مسيرته من "أبرز رجالات التربية والتعليم والدعوة في اليمن والعالم الإسلامي، ورائد علوم الإعجاز العلمي في القرآن الكريم".
وأكدت أن الزنداني ركن من أركان العمل الإسلامي في دعم قضايا الأمة الإسلامية، وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك، مضيفة: "نفقد اليوم في فلسطين علما من الأعلام الكبار المدافعين عنها، وصوتا صادقا في دعم المقاومة ونضال شعبنا المشروع".
وسلط دعاة وسياسيون وإعلاميون وناشطون على منصة إكس، الضوء على المسيرة العلمية للزنداني وحياته المليئة بالإنجازات والنجاحات وذكروا بالمناصب العديدة التي تقلدها لكفاءته ومكانته العلمية ونبوغه وطلبه للعلم وحمله لواء الدعوة لله.
وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #عبدالمجيد_الزنداني، #الزنداني، #وفاة_الشيخ_الزنداني، وغيرها، نعوا ورثوا الزنداني، مؤكدين أنه كان مجاهدا مدافعا عن فلسطين وعن القدس والأقصى، وعن المقاومة والحق الشرعي للشعب الفلسطيني في الجهاد لتحرير وطنه.
وبرزت روايات من التقوا بالزنداني وحضروا له محاضراته وخطبه والتقوا به، وكان الثناء عليه والحديث عن أثر علمه والتداول لمحاضراته وكلماته والشهادة له بسعة العلم والمعرفة والإيمان والإخلاص لله والدعوة للإسلام هي السمة السائدة في التغريدات التي دونت عقب خبر وفاته.
نعي ورثاء
وفي نعي ورثاء للزنداني، قال نجله رئيس مركز أبحاث الطب النبوي محمد أستاذ الفقه المقارن بجامعة الإيمان: "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبي لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا اليه راجعون".
وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القرة داغي: "فارق الحياة العالم الجليل والعالم الكبير الشيخ عبدالمجيد الزنداني رحمه الله تعالى وغفر لنا وله إنه غفور رحيم؛ الذي خبرت فيه سمات العلم والعمل والبركة والحركة والفكر فكان بحق نحسبه ولا نزكي على الله أحدا مثال العالم الأمة".
وقدم التعازي الحارة لنفسه ولأسرة الزنداني واليمن والعالم الإسلامي بوفاته، مضيفا: "فارق كبير لفقداننا لشخصية علمية بارزة مثل الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. إن خبر وفاته يؤلم القلب ولا نقول إلا ما يرضي الله".
وأكد داغي، أن مساهمات الزنداني في مجالات العلم والفكر كانت جليلة ومفيدة للكثيرين، وسيظل إرثه راية خير وشاهدة على أثره الطيب، سائلا أن يرحمه الله ويسكنه فسيح جناته وأن يلهم أسرته الصبر والسلوان في هذا الوقت الصعب.
وعزى المحامي الكويتي ناصر الدويلة، الأمة الإسلامية بوفاة العالم الجليل عبدالمجيد الزنداني تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، كما عزى أسرة الفقيد وتلاميذه وأهل اليمن كافة.
وقال رئيس تحرير جريدة الشرق القطرية جابر الحرمي: "رحم الله فضيلة الشيخ عبدالمجيد الزنداني بعد رحلة علم وعمل وجهاد في ميادين شتى تجاوز وطنه اليمن الشقيق ليصل علمه وعمله الأمة.. برحيله فقدت الأمة عالم فذ دافع عن قضايا الشعوب ومقدسات الأمة، وقدم الكثير من الجهد والعطاء والإنتاج العلمي".
وسأل الله عزوجل أن يغفر للزنداني ويرحمه وينزله منازل الشهداء مع الأنبياء والصديقين والصالحين.
وكتب أستاذ القانون العام بجامعة صنعاء والوزير السابق صالح حسن سميع: "رحم الله أستاذنا الجليل الفاضل عبدالمجيد عزيز الزنداني ورضي عنه وغفر له، كان نجما ساطعا في حياتنا اليمنية والعربية والإسلامية، وكان مما ينفع الناس في الأرض أعاضنا الله عنه بمثله وألحقنا به صالحين".
رحلة علم
وتحت عنوان "عبدالمجيد الزنداني.. حامل لواء الإيمان"، أشار الداعية الكويتي محمد العوضي، إلى أن الشيخ أحد رموز دعاة الإسلام وأعلامها المعاصرين المجاهد بالكلمة والقلم والمشاريع العلمية والدعوية وفي الميدان السياسي.
وأوضح أنه تعرف على الزنداني مذ كان في المرحلة الثانوية عبر أشرطة الكاسيت التي كانت تصله، وقد أظهرت محاضراته وعيا مبكرا في مواجهة موجة الإلحادي الأولى والمذاهب اللادينية كالشيوعية والاشتراكية واليسارية والعلمانية التي اكتسحت العالم الإسلامي في منتصف القرن الماضي بأحزابها ومنظريها ومؤسساتها، بل وتبنتها حكومات واعتنقها طغمة من الحكام الذين ملأوا الأرض فسادا وشركا وظلما!.
وأضاف العوضي، أن الشيخ الزنداني واجه كل الطوفان المناوئ للإسلام بما أسماه (*علم الإيمان*) عبر محاضرات وحوارات ومناظرات وتأليف وتأسيس جامعة الإيمان وهيئة الإعجاز العلمي في القرآن وغير ذلك في وقت كان نادرا من العلماء من التفت وساهم في صد هذا التحدي.
وأشار إلى أن الزنداني اشتبك مع هذا التحدي مباشرة سنين طويلة ونافح فيه عن عقيدة التوحيد ونشر السنة النبوية المطهرة والدفاع عن قضايا الأمة في كل مناشط الحياة وربط المسلمين بكتاب ربنا سبحانه وتعالى تعليما وتوجيها ونصحا وإثباتاً لربانية مصدره.
وقال: "رأيناه -الزنداني- يقف ضد المسيئين لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالرسوم والمهينين للقرآن بالحرق ومعايشا لكل مآسي المسلمين من الهند وبورما والصين وسوريا واليمن والعراق والسودان وفلسطين وأفغانستان والبوسنة وغيرها إلى آخر لحظات حياته التي ودعها ودموعه ودعواته مع غزة العزة".
بينما الكاتب والصحفي السوري أحمد موفق زيدان قال: "رحل اليوم عن عالم الفناء شيخنا المجاهد والعالم العلامة عبد المجيد الزنداني اليمني الأصيل في إسطنبول بعد رحلة علم وجهاد قضاها بدعم ومساندة كل قضايا العالم الإسلامي.
وأوضح أنه عرف الزنداني في أفغانستان مع الشهيد عبدالله عزام رحمه الله، مجاهداً، وداعماً لإخوانه في كل مكان، مشيرا إلى أنه أسس جامعة الإيمان في اليمن، وأقساطها كانت مجانية، واستقبلت طلبة غير يمنيين، فسطا عليها الحوثي المجرم حين انقلب على ثورة اليمن العظيمة.
وروى الداعية الإسلامي السوداني عبدالحي يوسف: "رأيت العلامة الزنداني في مِنى في أول حجة لي عام 1403 وأنا – حينذاك - طالب في الجامعة الإسلامية، وقد حججت في معسكر يضم جامعات الخليج العربي، حيث ألقى علينا الشيخ محاضرة فريدة تناولت ضروبا من الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وختم محاضرته بِحثِّنا على التبرع للجهاد حينها في أفغانستان".
وقال: زرته بعدها – بنحو من خمس وعشرين سنة - في مكتبه بجامعة الإيمان بصنعاء؛ فرأيت رجلا فارع الطول قوي البنية حاضر الذهن سريع البديهة دائم التبسُّم، يلقى زواره بحفاوة ويكرم وفادتهم ويقبل عليهم مقتدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفرد لنا من وقته نحواً من ثلاث ساعات يحادثنا ويداعبنا ويفيض علينا مما رزقه الله من علم نافع وخبرة واسعة.
وأضاف يوسف: "حين كنت رئيساً لقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم اتصلت به -الزنداني- أستأذنه في طباعة كتابه (بينات الرسول صلى الله عليه وسلم) ليستفيد منه طلاب الجامعة، فلم يتردد رحمه الله تعالى في القبول دون قيد أو شرط، بل رحب بذلك منشرح الصدر قرير العين، يرجو ما عند الله من أجر وثواب".
واستحضر المفكر والداعية الإسلامي العراقي محمد عياش الكبيسي، ذكرياته مع فقيد الأمة الراحل، قائلا: "كنا ونحن شباب في العراق نتداول تسجيلات الشيخ رحمه الله، فنعجب لهذه الروح الأخّاذة والمعلومات المتدفقة، والعزيمة التي لا تهدأ ولا تلين".
ناصر فلسطين
وتسليطا للضوء على مسيرة الزنداني المناصرة لغزة، عرض رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبي ﷺ محمد الصغير، مقطع فيديو لآخر خطوات الشيخ وكانت إلى وقفة في نصرة رسول اللهﷺ، قائلا: "لما طلبنا منه الجلوس لمشقة الوقوف عليه بكى وقال: أستحيي من الجلوس في وقفة لحبيب الله".
وكتب الناشط بلال نزار ريان: "رحم الله الشيخ العلامة عبد المجيد الزنداني، العالم الرباني والمجاهد الصابر الذي كرّس حياته لخدمة الإسلام والمسلمين، فكان منارة للعلم ومنبرًا للحق.. عُرف بحبه العميق لفلسطين والغيرة على قضايا الأمة، بصمة لا تُمحى وسيظل ذكره حيًا في تاريخ الأمة العربية والإسلامية".
وسأل الله أن يتغمد الزنداني بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.
وعرض أستاذ الاتصال السياسي أحمد بن راشد بن سعيد، كلمة للزنداني قبل ستة أشهر أثنى فيها على عملية طوفان الأقصى، قائلا: "اللهم ارحم علّامة اليمن، ومحقّقَ الزمن، الشيخ المجاهد عبدالمجيد الزنداني الذي وافاه الأجل، الإثنين، في إسطنبول، عاصمة آخر خلافة إسلامية".
وأضاف أن "الشيخ علَمٌ من أعلام الدعوة الإسلامية في العصر الحديث، واجتمعت فيه خصال الإمام الذي يأخذ الكتاب بقوّة والدين بشمول، فكان داعية بارزا، وسياسيا حصيفا، ومجاهدا محتسباً".
وأوضح ابن سعيد، أن الزنداني أسّس قلعة تعليمية وتربويّة في اليمن هي جامعة الإيمان، مصداقا لقول النبي ﷺ في الحديث الجليل الذي رواه الشيخان: "الإيمان يَمان، والحكمةُ يمانيّة"، كما كان رئيس مجلس شورى "التجمّع اليمني للإصلاح"، ورمزاً من رموز دعوة الإخوان المسلمين.
من جهته عرض الناشط الفلسطيني أدهم أبو سلمية، الوصية الأخيرة للزنداني قبل أن تفيض روحه لباريها، دعا فيها الشعوب الإسلامية للوحدة ونبذ الخلافات فيما بينهم نصرة لإخوانهم المقاومين لعدوان المعتدين، والمدافعين عن حقوق الأمة، والمظلومين في الأرض.
وأشار الصحفي عبدالحميد قطب، إلى أن الزنداني قضى جل عمره بين أروقة العلم، والدعوة، ونصرة المسلمين والدفاع عن قضاياهم وفي المقدمة قضية الأمة فلسطين.