برّان برس- وحدة التقارير:
مع دخول فصل الشتاء للعام 2024/ 2025، تتفاقم معاناة أكثر من 2 مليون نازح بمحافظة مأرب (شمالي شرق اليمن)، منهم أكثر من 400,000 نازح يسكنون في 208 مخيم نزوح في مناطق متفرّقة بالمحافظة.
وأوضح تقرير الاحتياجات الشتوية (ديسمبر 2024)، الذي أصدرته الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب، وحصل “بران برس”، على نسخة منه، أن هؤلاء النازحين يعيشون “تحت ظروف إنسانية مأساوية ناجمة من نقص حاد في الموارد الأساسية وغياب البنية التحتية الملائمة”.
وتشير إحصائيات الوحدة التنفيذية للنازحين بمحافظة مأرب، إلى أن إجمالي عدد الأسر النازحة بالمحافظة تبلغ 299,880 أسرة، إجمالي عدد الأفراد 2,087,573 فرد. فيما بلغ عدد مخيمات النزوح بالمحافظة 208 مخيم، تضم 38,721 أسرة “تسكن في خيام مهترئة وتالفة وأنواع من المأوى المؤقت أكثر عرضة لموجات الصقيع مع دخول فصل الشتاء”.
عجز ومضاعفات خطيرة
طبقًا للتقرير، فإن “المساكن المؤقتة التي يقطنها النازحون عاجزة عن مواجهة الظروف الجوية القاسية التي يفرضها الشتاء، ما يجعل الأطفال والمسنين والمرضى عرضة لمضاعفات صحية خطيرة جراء البرد القارس، تصل في كثير من الأحيان إلى الوفاة”.
ويزيد من خطورة الوضع، وفق التقرير، “لجوء الكثير من الأسر إلى وسائل تدفئة بدائية وغير آمنة، حيث يعتمدون على إشعال النيران المكشوفة داخل الخيام في محاولة للتغلب على البرد القارس، وهو ما يتسبب في اندلاع الحرائق المتكررة وحالات الاختناق الناتجة من انعدام التهوية المناسبة داخل المساكن المؤقتة”.
وأشار إلى أن “تكرار مثل هذه الحوادث في الأعوام السابقة أدى إلى خسائر بشرية مؤسفة، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفًا، مما يعكس حجم المخاطر التي يتعرض لها النازحون خلال فصل الشتاء”.
تأخير في الاستجابة
تقرير الاحتياجات الشتوية، أوضح أن “الوضع الإنساني في المخيمات يتفاقم نتيجة التأخر الكبير في الاستجابة الإنسانية الشتوية وتراجع المساعدات بشكل ملحوظ على الرغم من تزايد الاحتياجات”.
وبيّن أن هذا التراجع “يزيد من صعوبة حصول النازحين على الملابس الشتوية والأغطية الثقيلة ووسائل التدفئة الآمنة، فضلا عن النقص في المواد الغذائية الغنية بالطاقة التي تساعدهم على تحمل برودة الشتاء”.
ويتزامن ذلك مع استمرار موجات النزوح الداخلي إلى المخيمات بسبب التهديدات بالطرد الناتج من ارتفاع الإيجارات وعجز العديد من الأسر النازحة من تحمل تكاليف المعيشة.
وفي ظل هذه الأوضاع المتدهورة، تظهر التقارير أن تأخر المساعدات الإنسانية في الأعوام السابقة كان أحد الأسباب الرئيسية لوفاة العديد من سكان المخيمات، خاصة من الأطفال وكبار السن الذين يعانون من ضعف الصناعة وعدم قدرتهم على تحمل الظروف المناخية القاسية، وفق التقرير.
ومع تزايد أعداد النازحين وتقلص الدعم المقدم، أشار التقرير إلى أن “استمرار هذا الوضع ينذر بوقوع كارثة إنسانية لا محالة إذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة وفورية للتخفيف من معاناة النازحين”.
احتياج المأوى والحماية
واستعرض التقرير حجم احتياج المأوى والمواد غير الغذائية للنازحين، بواقع 64,899 مأوى، و64,725 حقائب شتوية، و64,725 أسر بحاجة ملابس شتوية، و28,500 دفايات، و7,430 إعادة تأهيل مأوى، و17,355 إصلاح وصيانة مأوى.
وأوضح أن الأسر في مخيمات مديرية مدينة مأرب تحتاج إلى “38,529 مأوى، و38,124 حقيبة شتوية، و4,235 إعادة تأهيل مأوى، و9,613 صيانة مأوى، و16,690 دفايات، و38,124 ملابس شتوية”.
فيما تحتاج الأسر في مخيمات مديرية مأرب الوادي، إلى “21,417 مأوى، و21,193 حقيبة شتوية، 2,452 إعادة تأهيل مأوى، و6,407 صيانة مأوى، و9,405 دفايات، و21,193 ملابس شتوية”.
بينما يحتاج النازحون في مديرية رغوان شمالي مأرب إلى “410 مأوى، و913 حقيبة شتوية، و223 إعادة تأهيل مأوى، و400 صيانة مأوى، و410 دفايات، و410 ملابس شتوية”.
وأما الأسر النازحة بمخيمات مديرية حريب جنوب المحافظة فتحتاج إلى “543 مأوى، 4,495 حقيبة شتوية، و520 إعادة تأهيل مأوى، و935 صيانة مأوى، و1,995 دفايات، و4,543 ملابس شتوية”.
وفي مجال الحماية، تحدث التقرير عن الحاجة لمساعدات نقدية متعددة الأغراض لـ25,460 أسرة، ومساعدات نقدية طارئة لـ112,033 أسرة.
الصحة والتغذية
وفق الوحدة التنفيذية، فق أظهرت نتائج التقييمات الميدانية المخيمات النازحين بالمحافظة أن 125 مخيم لم تتلق الأسر فيها أي خدمات صحية، وهو ما يفاقم المعاناة الانسانية لسكان هذه المخيمات في فصل الشتاء، خصوصًا بين الأطفال وكبار السن.
وأوضحت نتائج التقييمات أن الخدمات الصحية المقدمة في المخيمات توزعت إلى (رعاية صحية أولية- معالجات حالات سوء التغذية- رعاية الحوامل). مبيّنة أن هناك 22 مركز صحي قريبة من مواقع النازحين بحاجة الى دعم، وأن 36,564 طفل مصاب بسوء تغذية وبحاجة إلى التغذية.
المياه والاصحاح البيئي
تطرق التقرير إلى استمرار معاناة الأسر النازحة بمأرب من عدم توفر مياه صالحة للشرب في 184 موقع للنازحين، موضحًا أن عدد المواقع التي لا تتوفر فيها مياه الاستخدام بانتظام بلغ 64 موقع.
وأضاف أن 140 موقع نزوح تحتاج فيها الأسر النازحة إلى شبكات توزيع المياه، فيما 368 نقطة بحاجة لتأهيل كمصادر مياه دائمة للأسر النازحة.
وإلى ذلك، ذكر التقرير أن الأسر النازحة في المخيمات تحتاج إلى حفر 41 بئر لتكون مصادر أساسية للحصول على المياه، وتوفير 41 مضخة. إضافة إلى 63 موقع بحاجة إلى خزانات برجية، فيما تحتاج 46,296 أسرة إلى خزانات مياه.
وفيما يخص مؤشرات الاصحاح البيئي، أوضحت نتائج المسح أن 164 موقع بحاجة الي التوعية في مجالات النظافة و110 موقع بحاجة إلي رفع المخلفات الصلبة، و 85 موقع بحاجة لشفط مياه الصرف الصحي.
وفي مجال النظافة، تحدث التقرير عن احتياج المخيمات لـ1,585 حاوية قمامة، و123 موقع بحاجة إلى نقاط تجميع المخلفات ليتم ترحيل النفايات فيها بشكل دوري، وبما يسهم في الحد من انتشار الأوبئة.
وللحفاظ على النظافة الشخصية والحد من انتشار الأمراض، قال إن الأسر تحتاج إلى 57,447 حقيبة نظافة. فيما تحتاج 16,000 أسرة لدورات المياه. فيما يحتاج ذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين إلى 7,480 دورة مياه.
احتياجات الأمن الغذائي
تحدثت الوحدة التنفيذية، في تقريرها، عن زيادة في معاناة النازحين سواء من حيث عدم قدرتهم على شراء المواد الغذائية أو ضعف الاستجابة الإنسانية من قبل شركاء العمل الإنساني لسد احتياجاتهم من الغذاء.
وقالت إن نتائج المسوحات التي أجرتها أظهرت أن 87,447 أسرة بحاجة إلى الغذاء. مضيفة أن “هناك 24,445 من الأسر بأمس الحاجة إلى تغطية عاجلة بمواد غذائية بنسبة بلغت 28% من إجمالي الأسر النازحة التي لا يشملها برنامج الغذاء العالمي في محافظة مأرب.
وأكّدت أن هذا “يستلزم مسحها من قبل شركاء العمل الإنساني والعمل على توفير مساعدات غذائية لها فيما يتعلق بالمخيمات. مضيفة أن “هناك 45 مخيماً تعاني الأسر فيها من نقص كمية الغذاء وهناك مؤشرات عالية بوجود حالات سوء تغذية حاد”.
كما أظهرت نتائج لتقييمات الميدانية أيضاً أن 22,118 أسرة نازحة في المخيمات تعتمد على الأجر اليومي كمصدر رئيسي للعيش وتعمل بصورة متقطعة، وتعاني في ظل التدهور الاقتصادي لتوفير لقمة العيش.
وفيما يخص التنوع الغذائي، أظهرت نتائج المسوحات في مارس الماضي أنه “ضعيف جداً”. موضحًا أن “جميع المخيمات تعاني الأسر فيها من ضعف التنوع الغذائي”.
وبيّنت أن المساعدات النقدية مقابل الغذاء والمساعدات الغذائية الطارئة لم تغط سوى 3% من الفجوة، مشددة على ضرورة تنفيذ تدخلات طارئة وعاجلة لسد احتياجات النازحين في المخيمات والمنازل ومضاعفة الجهود في الحصول على المساعدات النقدية بما يسهم في تخفيف الأعباء على نازحي المخيمات.
الشتاء وحالات الضعف
عن حالات الضعف في المخيمات، تحدث التقرير عن وجود 8,021 معاقين حركيًا، و9,232 مسنين فوق 60 سنة، و19,715 نساء حوامل ومرضعات، و10,715 أشخاص مصابين بأمراض مزمنة، و3,111 أطفال يعولون أسر، و1,295 أطفال غير مصحوبين، و9,524 أشخاص مصابين بإعاقة ذهنية أو عقلية، و5,110 نساء تعول أسر.
وقال إن “فصل الشتاء من الفصول الأكثر قسوة على الفئات الهشة والضعيفة، حيث تتفاقم معاناتهم بسبب الظروف المناخية الباردة التي تضيف أعباء إضافية على الأوضاع المعيشية والصحية والاقتصادية في محافظة مأرب”.
وذكر أن التقييمات الأخيرة التي أجرتها الوحدة تظهر أن حالات الضعف تواجه هذه الحالات عجزًا شديداً في توفير احتياجاتهم الأساسية للتدفئة”.
وقال إن “هناك نسبة كبيرة منهم يعانون من أمراض سوء التغذية وإمكانية الحصول على الغذاء المناسب مما يفاقم حالتهم الصحية، خصوصًا مع زيادة احتياجات الشتاء وغياب الرعاية الصحية في معظم المخيمات”.
وأضاف أنه “مع موجات الصقيع تكثر أمراض الشتاء مثل الإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي، والتي قد تكون مميتة في حال عدم توفر الرعاية الطبية ونتيجة غياب خدمات الدعم المختلف الذي يعزز قدرة هذه الحالات على التأقلم مع الظروف القاسية”.
وأشار إلى أن “فصل الشتاء يشكل تحديًا قاسيًا للفئات الضعيفة في محافظة مأرب، خصوصًا الأطفال والحوامل كبار السن الذين يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة الأساسية”.
وأكد أن “العمل المشترك بين المنظمات الإنسانية والجهات المحلية يعتبر ضرورة حتمية لتوفير الاحتياجات الأساسية، وضمان حماية هذه الفئات من المخاطر المتفاقمة التي يفرضها البرد القارس”.
تدخل فوري
ولمواجهة هذه التحديات، شددت الوحدة التنفيذية على ضرورة التدخل الإنساني الفوري والشامل من قبل المنظمات الدولية والمحلية والجهات المانحة.
وقالت: يجب أن يتركز هذا التدخل على تحسين المساكن المؤقتة التي تعد السبب الأبرز في مفاقمة معاناة النازحين خلال فصل الشتاء”.
وأكدت أهمية “العمل على توفير مأوى ملائم قادر على الصمود أمام الظروف الجوية القاسية، إلى جانب توفير وسائل تدفئة آمنة وفعالة تقلل من المخاطر الناجمة عن استخدام التدفئة البدائية”. وكذا “التركيز على توزيع الملابس الشتوية والأغطية الثقيلة والمواد الغذائية التي توفر الدفء والطاقة المواجهة البرد القارس”.
وبالتوازي، قالت إن تحسين الخدمات الصحية. في المخيمات بعد خطوة أساسية في الاستجابة لمواجهة أمراض الشتاء كالتهابات الجهاز التنفسي، من خلال دعم المراكز الصحية بالأدوية والطواقم الطبية وتقديم حملات توعية صحية للنازحين. وكذا “تعزيز البنية التحتية داخل المخيمات لتقليل المخاطر الصحية وضمان توفير بيئة أكثر أمانا للنازحين”.
وقالت الوحدة إن “توفير حياة كريمة وآمنة للنازحين خلال فصل الشتاء هو مسؤولية إنسانية ملحة تتطلب من جميع الجهات المعنية، بما في ذلك المنظمات الدولية والمانحين والمؤسسات المحلية استجابة عاجلة ومنسقة”.
ونوهت إلى أن “هذه الاستجابة ليست مجرد واجب أخلاقي بل ضرورة لتجنب وقوع كارثة إنسانية محققة، وضمان حماية حياة النازحين وكرامتهم في مواجهة قسوة الشتاء”.
توصيات الوحدة التنفيذية
أهابت الوحدة بجميع المنظمات الدولية والإنسانية والكتل المعنية، كتلة إدارة وتنسيق المخيمات وكتلة المأوى والمواد غير الغذائية وكتلة الحماية إلى التحرك العاجل لإنقاذ حياة الأسر النازحة وتغطية احتياجاتها وتوفير المساعدات الإيوائية العاجلة لها.
وحثت الوحدة التنفيذية، كتلة ادارة وتنسيق المخيمات على القيام بأدوارها ومسؤولياتها تجاه ملف المأوى واحتياجاته المتفاقمة من خلال أدوار المناصرة والتقييمات المستمرة وتعزيز دور الشركاء وبناء قدراتهم وتأهيلهم .
ودعت الوحدة للعمل معها ومضاعفة الجهود لوضع حلول ومعالجات لملف المأوى الطارئ والمؤقت الذي قالت إنه أثقل كاهل الأسر التي مر عليها سنوات عديدة في هذه المساكن، ما أدى لتضاعف معاناتها لا سيما مع التغيرات المناخية ودخول فصل الشتاء.
وأكدت أهمية السعي لمعالجة ملف الأمن الغذائي المتفاقم في المحافظة، لا سيما وأن 120,000 أسرة نازحة تعاني من انعدام الأمن الغذائي في محافظة مأرب، منها 72,400 أسرة مستفيدة من مساعدات برنامج الغذاء العالمي إثر توقف صرف دورات الحصص الغنائية المقدمة منذ دورة الصرف الأخيرة في أكتوبر 2024.
وقالت إن عشرات الآلاف من الأسر النازحة تسعى اليوم إلى تقليل عدد الوجبات اليومية وكميات الطعام للحصول على المستلزمات الأساسية في خطوة جديدة نحو العلوية وزيادة الفجوات
وحثت برنامج الغذاء العالمي لتسريع الإجراءات اللازمة لضمان صرف حصص الغذاء بانتظام، وتعزيز برامج المساعدة الإنسانية لتغطية 100% من الأسر النازحة في المخيمات وخارجها. داعية لتوسيع نطاق استهدافه ليشمل جميع الأسر النازحة والضعيفة والتي بلا دخل من المجتمع المضيف.