|    English   |    [email protected]

“برّان برس” يناقش مع سياسيين يمنيين الانقسام السياسي وتداعياته على استقرار البلاد واستعادة الدولة (تقرير)

الأحد 26 يناير 2025 |منذ يوم
الانقسام السياسي وتداعياته على استقرار البلاد - بران برس الانقسام السياسي وتداعياته على استقرار البلاد - بران برس

أعد التقرير لـ"برّان برس" - عمار زعبل:

ما يزال وجود وأداء الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية المنضوية ضمن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، محط جدل واسع على المستوى الشعبي، خصوصًا فيما يتعلق باستعادة الدولة وإنهاء انقلاب جماعة الحوثي، المصنفة دولياً في قوائم الإرهاب.

وتتصاعد الأصوات اليمنية التي تناقش دور الأحزاب اليمنية مع تزايد الانقسام السياسي في منظومة الحكومة اليمنية المعترف بها، والتي يفترض أن تعمل كفريق واحد لاستعادة الدولة اليمنية وإنهاء الأزمة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني منذ 10 سنوات.

ويذهب البعض لتحميل الأحزاب والمكونات السياسية جزءا من مسؤولية استمرار الحرب والمعاناة التي يعيشها اليمنيون، وذلك لتأثيرها في المشهد السياسي والعسكري وتقديم غالبيتها مصالحها على المصالح الوطنية العليا.

وخلال السنوات الخمس الماضية، زادت حدّة الانقسامات بين الأحزاب والمكونات الوطنية سياسيًا وعسكريًا وإعلاميًا، وهو ما استغلته جماعة الحوثي للاحتفاظ بسيطرتها على العاصمة صنعاء والتمدد نحو باقي البلاد.

ومؤخرًا، تجري محاولات لتوحيد مواقف وجهود هذه المكونات من خلال تشكيل تكتلات وتحالفات وطنية أوسع إلا أنها لم تتجاوز الحضور الشكلي والبيانات السياسية، وسط تصاعد المطالبات بإنهاء الإنقسام السياسي كشرط لإنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة السلام والاستقرار في البلاد.

في هذا التقرير، ناقش “برّان برس“، مع سياسيين يمنيين عن المشهد السياسي الحالي، وأبرز العوائق التي تحول دون اصطفاف الأحزاب والمكونات السياسية، وتداعيات استمرار الانقسام الداخلي على استقرار البلاد، ومعيشة اليمنيين.

فقدان الثقة وإعاقة التقدم

“أسعد عمر“، عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، يقول لـ“بران برس”، إنّ “ما نعيشه اليوم من عجز في إدارة أمور الدولة، وقيادة المعركة الوطنية ضد المليشيا الانقلابية، يمثل إحدى صور تأثير الانقسام السياسي“.

ويضيف أن هذه الحالة “تتسبب بشتات المنظومة وابتعادها عن جوهر القضية الوطنية، وعدم قدرتها على استيعاب الكوادر والرموز الوطنية وتوظيفها بالشكل الصحيح، وبالتالي العجز عن إدارة القضية الوطنية وشؤون الدولة“.

والأخطر برأيه “هو ما يخلفه الانقسام من تأثير في الوعي الوطني، وفقدان القاعدة الشعبية للثقة بالقيادات السياسية والحزبية، وفتح الباب لأشكال مختلفة من الصراع السياسي والاجتماعي من شأنها أن تعيق معركة إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة“.

وأشار إلى أن استمرار هذا الوضع “يجعل الباب مشرعاً لتهديدات كثيرة، تواجه مستقبل الدولة والديمقراطية، والشراكة الوطنية، وإعاقة أي تحولات نحو السلام و الاستقرار“.

من جانبه، وصف المحامي والناشط “عبدالسلام رزاز“، الوضع السياسي في اليمن، بأنه “ضبابي وغامض”.

وقال لـ“بران برس”، إنه “لا يمكن توقع الحدث القادم كون اللاعبين المؤثرين خارجياً، دولياً أو إقليمياً، لا توجد لديهم رؤيه حقيقية لماهية الوضع الداخلي في اليمن. ناهيك عن عدم وجود نية صادقه للنهوض بالعملية السياسية داخلياً لضبابية الرؤية كذلك للخروج من هذا الوضع”.

وأضاف أن “أي انقسام في أي كيان له أثره الكبير في إعاقة تقدم ونهضة هذا الكيان، وكذلك الحال في استعادة الدولة ومؤسساتها”. فالرؤى والتوجهات والأهداف، إن لم تتوحد وتتعاضد لاستعادة الدولة، فإن جميع المحاولات ستبوء بالفشل طالما وأن الانقسام السياسي بطل المشهد”.

حالة تجاذب

تحدث الناشط رزاز، عن “الدور المهم” الذي تلعبه الأحزاب السياسية في العملية السياسية بمناطق الشرعية، بخلافه في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، الذي قال إنه “لا وجود أي تحرك للأحزاب هناك؛ لأن نهج الجماعة تقييد الحريات، وتكميم الأفواه”.

ورغم هذا، عبّر “رزاز”، عن أسفه لأن “المكونات السياسية المشّكلة لمجلس القيادة الرئاسي، ما تزال تعيش حالة من التجاذب منعتها من تنفيذ ما تم التوصل إليه من مشاورات كاتفاق الرياض”.

وقال إن “تلك الحالة جعلت كل طرف غارق في توجهاته على حساب القضية الوطنية، ومستقبله، وخلق حالة اضطراب في أداء مؤسسات الدولة، وثقة الشعب اليمني والمجتمع الدولي بقدرة المجلس على إدارة البلاد“.

وأخطر عائق/مهدد، وفق “عمر“، هو “انكفاء تلك المكونات على توجهاتها وحرص الأقوى منها على فرض مصالحه، وسعيه لفرض سيطرته على الوظائف والهيمنة بالقرار، وعدم الاستعداد لتقديم التنازلات المتبادلة“.

وأكّد القيادي الاشتراكي، أهمّية “إدراك المنظومة القيادية لما يجري على الأرض، وما يهدد مستقبلها على مستوى مكوناتها، وعلى المستوى الشعبي بسبب ابتعادها عن الواقع، وعدم الاعتبار من الأخطاء والتجاوزات التي وقعت فيها، وكانت سبباً فيما وصلنا إليه”. 

وأشار إلى أن “الانقسام السياسي الداخلي سيظل مؤثراً على استقرار البلاد، ناهيك عن الوضع المعيشي للمواطنين”، فضلًا عن “فقدان ثقة الداخل والخارج بقيادة منظومة الشرعية وبالمكونات والأحزاب”.

الهدف الأبرز والحساسيات

الباحث والسياسي، نائب مدير مكتب رئيس الوزراء “متعب بازياد“، أكّد هو الآخر أهمّية توحيد القوى السياسية نحو “تحقيق الهدف النضالي الأبرز”، الذي قال إنه “يتفق عليه الجميع”، وهو “إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة اليمنية وعاصمتها من أيدي الانقلابيين”.

وقال "بازياد" في حديث لـ“برّان برس”، إن “وحدة المكونات من شأنها تعظيم قوة الحكومة الشرعية، وحشد كل الطاقات والإمكانات وتعبئة الشعب اليمني المتضرر الأكبر من سطوة الانقلاب والحروب التي أشعلتها جماعة الحوثي في كل محافظة وناحية وقرية”.

وتحدث السياسي والباحث “بازياد“، عن “حساسيات سياسية ومنافسة تقف دون تحقيق هذا الهدف”، مضيفًا أن هذه “القضايا الخلافية التي يتبناها كل طرف في الحكومة الشرعية حول رؤيته لمستقبل اليمن لم يحن وقتها بعد لتقرير الفصل فيها“. 

ويرى أن “العودة إلى مخرجات الحوار الوطني الشامل، حتى كمشروع رؤية، أو كقاعدة وأرضية مشتركة لإدارة حوار سياسي حول تلك الوثيقة، وتلك النتائج والمخرجات، التي لن نصل إلى توافق اليوم على خلالها بالتأكيد”.

وفي الوقت المناسب، قال: “سيتم طرح تحفظات بعض الأطراف حولها للنقاش والشعب يحسم الخلاف بالذهاب لاستفتاء عام”.

وقال: “هذه مقاربة بنظري، يجب التفكير فيها، إذا توفرت إرادة سياسية لقيادة الشعب نحو تحقيق نصر آخر على أسباب تخلف اليمن وتأخره، كما كان ذلك من قبل مع ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين”.

شروط التحوّل

من أجل تحقيق وحدة الموقف السياسي، أكّد القيادي الاشتراكي، “أسعد عمر“، أهمية “الإقرار بأخطاء المرحلة الماضية والاقتراب من الواقع والالتحام بالشعب وقضاياه وتقديم التنازلات”.

وشدد على ضرورة “الدخول في تحالفات جادة بمصداقية يسودها تغليب المصلحة الوطنية على مصالح المكونات وإدراك طبيعة الموقف الدولي من كل ما يُطرح من قبل المكونات وطريقة ادارة الدولة”. 

والأهم في هذه المرحلة، برأيه، هو “انتشال الأوضاع في المناطق المحررة، وتقديم النموذج المحفز واستعادة الأحزاب والمكونات السياسية لمكانتها ودورها، وعودة الثقة أمام الشعب اليمني والمجتمع الدولي”.

بالإضافة إلى “ضبط وجهة وعمل منظومة الشرعية، في معركتنا الرئيسية المتمثلة، بهزيمة مليشيا الحوثي وإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة”.

ضمير وطني ضعيف

فيما يرى الناشط رزاز، أن العائق أمام اصطفاف الأحزاب “هو ضعف الضمير الوطني والمصالح الشخصية والحزبية“ التي وصفها بـ “الضيقة“ إضافة إلى عدم تغليب مصلحة الوطن والمواطن على أية مصالح أخرى.

ومن العوائق أيضًا “عدم الجدية في استخدام الوسائل المتاحة لتوحيد الصف والتوحد وفق رؤية شاملة لجميع الجوانب، التي من شأنها إعادة تفعيل مؤسسات الدولة“. محذّرًا من نتائج “خطيرة” لاستمرار هذا الانقسام على “الاستقرار في البلد، سواء سياسياً أو اقتصادياً ومعيشياً، وفي جميع جوانب الحياة”.

وشدد “رزاز“ على ضرورة استشعار المسؤولية من قبل الحكومة ومجلس القيادة، وكذلك الأحزاب والمكونات السياسة، داعياً إلى الاصطفاف خلف القيادة الشرعية، والخروج برؤية حقيقية لمعالجة كل الاختلالات.

ودعا إلى نبذ الانقسامات والخلافات وتوحيد الصف ووحدة الموقف، وتوجيه كل القوى ضد العدو الحقيقي، الذي قال إنه “قوض مؤسسات الدولة، واستولى على مقدرات الوطن والمواطن، ورهن نفسه لدى الإملاءات الخارجية”.

وقال: “إذا توحد الموقف السياسي، فلا مناص من أن النتائج ستكون مبهرة، وسينعكس ذلك إيجاباً على الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشي”.


 

مواضيع ذات صلة