|    English   |    [email protected]

دراسة تحليلية لمعهد "كارنيغي" تتحدث عن مساعي الحوثيين لتعزيز نفوذهم الإقليمي عبر تحالفات مع فصائل عراقية

الجمعة 28 فبراير 2025 |منذ أسبوع
لقاء ممثل جماعة الحوثي بزعيم عصائب أهل الحق في بغداد العراق (ويب) لقاء ممثل جماعة الحوثي بزعيم عصائب أهل الحق في بغداد العراق (ويب)

بران برس- ترجمة خاصة:

كشفت دراسة تحليلية حديثة لمعهد "كارنيغي" للشرق الأوسط، عن تنامي نفوذ جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب، في المنطقة، من خلال بناء تحالفات مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، وخصوصًا قوات الحشد الشعبي.

وأوضحت الدراسة التي أعدّها الباحث اليمني إبراهيم جلال، وترجمها إلى العربية "بران برس"، أن هذه التحالفات توفّر للحوثيين دعمًا سياسيًا واقتصاديًا وجيوسياسيًا، فضلًا عن استخدام الأراضي العراقية لتهديد دول الخليج، وتحديدًا السعودة والإمارات، وكذا تهريب الأسلحة.

وطبقًا للدراسة، فقد اضطلع الحوثيون، في السنوات الأخيرة بدور عابر للحدود كجزء من محور المقاومة المدعوم من إيران في المنطقة. ويتضح ذلك من خلال تعطيل الجماعة لحركة الملاحة البحرية عبر مضيق باب المندب، فضلاً عن ضرباتها بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل نفسها. 

وقالت إن الحوثيين بدأوا في استغلال قوتهم المتزايدة للحصول على نفوذ خارجي في وقت مبكر، خاصة تجاه دول الخليج. موضحًة أن التعاون مع قوات الحشد الشعبي، مكّن الحوثيين من تعزيز قدرتهم وحولهم إلى جهة فاعلة عابرة للحدود في المنطقة، مما زاد من جرأتهم على الانخراط في أعمال تصعيدية أو تخفيفية في الداخل والخارج.

وتوقعت أن تتلقى الجماعة دعماً مستمراً من قوات الحشد الشعبي، التي لم تتأثر في معظمها بالأحداث الأخيرة. فيما ستواصل إيران، تمويلها وتسليحها نظراً لقيمتها المتزايدة في ظل سقوط النظام السوري وخسائر حزب الله في لبنان. 

جذور العلاقة

تطرقت الدراسة التحليلية إلى جذور العلاقة بين الحوثيين والفصائل المنضوية تحت قوات الحشد الشعبي، والتي قال إنها تعود للعام 2012، حيث أرسل الحوثيون مقاتلين تم دمجهم داخل مجموعات شبه عسكرية عراقية ولبنانية إلى سوريا لدعم نظام الأسد، ضد الاحتجاجات الشعبية.

وفي عام 2015، قالت إن الحوثيين أرسلوا وفدًا رفيع المستوى إلى العراق سعيًا للحصول على كافة أشكال الدعم، وخاصة من قوات الحشد الشعبي. فيما عقدت على مر السنوات اللاحقة، اجتماعات عديدة، علنية وسرية، مع مسؤولين عراقيين وإيرانيين وعلماء دين، بالإضافة إلى قادة فصائل قوات الحشد الشعبي. 

واليوم، قالت إن الجماعة الحوثية، التي يُشاع أنها افتتحت مكتبًا سياسيًا في بغداد، تتمتع بعلاقات وثيقة مع كتائب حزب الله، وحركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وعصائب أهل الحق، ومنظمة بدر، وألوية الوعد الحق. 

وأوضحت أن هذه الفصائل التابعة لقوات الحشد الشعبي، تستضيف سرًا مئات العناصر العسكرية من الحوثيين في قواعدها، حيث يشاركون في تدريبات مشتركة وتبادل للخبرات. 

أوجه التشابه

تحدثت الدراسة عن تتشابه الفصائل الشيعية الموالية لإيران في اليمن والعراق، موضحًا أنها تشمل عدة جوانب جوهرية: تشترك في رؤى عالمية مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل، وتسعى للسيطرة على المشهد السياسي الداخلي في بلدانها، ولديها أجندة توسعية، وتصور أفعالها ضد القوات الأمريكية في المنطقة على أنها مقاومة. 

والأهم من ذلك، أنها تشترك في نفس الداعم: إيران. ولذلك، لم يستغرب أن يكون فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، قد لعب دورًا محوريًا في تنسيق التعاون التقني والعملياتي بين الحوثيين ونظرائهم الإقليميين. 

وأوضحت أن طهران تهدف من وراء ذلك إلى تسهيل تبادل الخبرات وتعزيز القدرة على العمل المشترك في أوقات الاضطرابات، واستخدام أي جبهة محور هي الأنسب لتوسيع النفوذ الإيراني في المنطقة في أي وقت.

استفادة متبادلة

وذكرت الدراسة التحليلية عدّة أوجه لاستفادة قوات الحشد الشعبي من الجماعة الحوثية، التي تمتلك خبرة عقدين في حرب العصابات ضد الحكومة اليمنية والتحالف العربي الداعم لها بقيادة السعودية منذ تدخله عسكريًا لدعمها في مارس 2015، وهو ما يساهم في تعزيز قدرة الفصائل العراقية خصوصًا بما فيها تعزيز دفاعاتها الجوية. 

وفي المقابل، يوفر العراق للحوثيين مزايا سياسية واقتصادية وعسكرية وجيوسياسية، ولا سيما أنه يمتلك حدودًا مشتركة مع السعودية تمتد على طول 811 كيلومترًا. لافتًا إلى هجمات سابقة انطلقت من العراق على منشآت شركة أرامكو السعودية النفطية في بقيق وخريص. 

ومن خلال ترتيبات المقايضة مع فصائل الحشد الشعبي، تمكن الحوثيون من تجاوز السعودية استراتيجيًا، مما وضعها أمام تحدٍ جيوسياسي كبير.

كما يتيح وجود الحوثيين في العراق، وفق التحليل، تهريب الأسلحة من الأراضي العراقية إلى اليمن عبر السعودية. بل وقدمت قوات الحشد الشعبي للحوثيين "وقودًا عراقيًا مجانيًا ومدعومًا بسخاء، بما في ذلك الديزل والنفط"، يتم شحنه إلى الحديدة من البصرة في انتهاك للحظر الدولي. غالبًا ما يتم تهريبه عبر موانئ بحرية في الإمارات وسلطنة عمان. 

وأخيرًا، قالت إن جماعة الحوثي تستطيع استخدام العراق كقاعدة لجمع الأموال والتحويلات المالية. لافتًا إلى حملات نظمتها فصائل عراقية لجمع التبرعات العامة لصالح الحوثيين، خاصة لدعم برنامجها للطائرات المسيرة.  مضيفًة أن هذه الديناميكيات مكنت الحوثيين من تجاوز وضعها الأولي كظاهرة يمنية محلية. 

اعتماد إيراني على الحوثيين

تطرق الباحث إلى النكسات التي تعرض لها المحور الإيراني في المنطقة، والتي قال إنها ستعيد تشكيل موازين القوى الإقليمية لصالح خصوم المحور. ولهذا السبب، رجح أن يشجع الحرس الثوري الإيراني على تعزيز العلاقات بين الحوثيين وقوات الحشد الشعبي.

ونظرًا لتعقيدات المشهد السياسي الداخلي في العراق وتزايد الضغوط الأمريكية على الحكومة العراقية لحل الميليشيات، توقع أن تتجه إيران إلى الاعتماد على الحوثيين بشكل أكبر من قوات الحشد الشعبي. فمع خروج الأسد من السلطة وتراجع نفوذ حزب الله بشكل كبير، قد ترى طهران في الحوثيون وقوات الحشد الشعبي قيمة استراتيجية أكبر. 

ورجح أن تصبح جماعة الحوثي، على عكس قوات الحشد الشعبي، الفاعل الرئيسي في الأنشطة الإقليمية المدعومة من إيران. لافتًا إلى تصريحات قادة الحرس الثوري الإيراني الحاليون التي تتبنّى توجه دفع الحوثيين إلى صدارة المواجهة، وتشجيعهم الهجمات المشتركة بين الحوثيين وقوات الحشد الشعبي على إسرائيل في ديسمبر.

وقال إن هذه الهجمات المشتركة، التي لا تزال نادرة، قد تكون مؤشرًا على تعاون مستقبلي بين الحوثيون وقوات الحشد الشعبي.

تحسين الصورة

تطرق الدراسة أيضا إلى فوائد زعم الحوثيين مواجهة إسرائيل في ظل تصاعد الغضب الشعبي حيال عدوانها على غزة، موضحًا أن هذا الموقف حسّن صورة الحوثيين محليًا ودوليًا. بل ساهم أيضًا في إسكات- ولو موقتًا- الانتقادات الشعبية المتزايدة ضدهم بشأن تقصيرهم في تقديم الخدمات، وتأخير دفع الرواتب، وسوء إدارتهم للمناطق التي يسيطرون عليها.

وأشارت إلى أن هذا الأمر، بالإضافة إلى رغبة إيران في التعويض عن انهيار النظام السوري وضعف حزب الله، قد يدفع الحوثيون إلى شن المزيد من الهجمات على إسرائيل وعلى حركة الملاحة البحرية المرتبطة بها.
 
واختتم الباحث تحليله بالإشارة إلى أن مستقبل هذه التحالفات يعتمد على التطورات في المنطقة بغض النظر عن تحريض إيران، وقد تختار الجماعتان تقليص عملياتهما حفاظًا على مستقبلهما مع التراجع الكبير في قوة محور المقاومة ونفوذه.

مواضيع ذات صلة