|    [email protected]

منهجية الحوثيين في الحكم.. سلالية مناطقية واستحواذ على المناصب العليا (الداخلية أنموذجًا)

السبت 15 يونيو 2024 |منذ أسبوع
منهجية الحوثي في الحكم

برّان برس - وحدة التقارير:

رغم مرور 9 سنوات من حكم جماعة الحوثي لـ11 محافظة يمنية، عقب اجتياحها العاصمة صنعاء وانقلابها على الدولة أواخر العام 2014، إلا أنها لم تكن كافية لإذابة الحواجز بين الجماعة والمجتمع اليمني.

لم يستطيع الحوثيون أن ينخرطوا في المجتمع كيمنيين، ولا المجتمع اليمني تقبّلهم، واستطاع التعايش مع الاندفاع والقسوة وغرابة التصرفات التي تطبع الحوثيين، ومشرفيهم، والمتحكمين في سلطتهم. 

ولهذا يشعر من يعيش في صنعاء أو ريفها أن نموذج حكم وتحكّم الحوثيين لم يشهده اليمنيون منذ آلاف السنين على اختلاف توجهات وخلفيات من حكَمهم.

وضاعف هذا الشعور حالة الهوس التي تحكم سلوك الحوثيين ونظرتهم الدائمة للمجتمع، وإمعانهم بفرز المجتمع إلى “مؤمنين ومنافقين وعملاء”.

العصبية الثلاثية

لفك شفرة هذه العقدة، والإجابة على الأسئلة المثارة حولها، يقول الصحافي والباحث عدنان الجبرني، إن الأمر يرتبط بـ“فهم التركيبة العقائدية والنفسية والذهنية للحوثيين، أو للنسق الذي يصنع التوجهات ويتحكم بالقرارات الرئيسية في الجماعة”.

ويرى “الجبرني”، في حديثه لـ“بران برس” أن “هناك ثلاث عصبيات تشكّل تفكير القيادات الحوثية، أولها: عصبية السلالة”. فمعظم قادة الجماعة، برأيه، “هم من الهاشميين الذين يرون بأنهم خلقوا سادة مميزين عن الناس وأنهم الأحق بالحكم”. 

وثانيها، “عصبية المناطقية (صعدة)؛ فهاشميو صعدة، ومن والاهم أو انتقل مبكرًا للدراسة عندهم, هم من يحكمون اليوم، ويسيطرون على مناحي حياة الناس بصنعاء وما حولها. ولم يتصدّر أي قيادي من خارج هذه المنظومة طيلة السنوات العشر الماضية”، وفق “الجبرني”.

وثالها، بحسب الباحث “الجبرني”، “عصبية المعتقد الطائفي، فهم مسكونون بالنموذج الإيراني، ومعظمهم تلقوا تدريبات على يد إيرانيين، أو زاروا طهران لتلقي دورات عسكرية أو طائفية تعبوية”. ولذلك يقول إنهم “مرتبطون بالمشروع الإيراني والتوسع في المنطقة، وهو أولويتهم، حروب مستمرة لإسقاط خصوم ثورة الولي الفقيه”.

الهاشمية وحصان الحوثي

ووفق “الجبرني”، فإن “الهاشميين هم العمود الفقري، والجهاز الحيوي للحوثية”. وبرأيه فإنهم “وجدوا في الحوثي الحصان الذي حملهم إلى السلطة من جديد، وانتظموا خلفه وشكلوا عصبة مغلقة وفقًا للنّسب، يجمعهم ادّعاء التميّز، والأحقية بالحكم، والتفضيل على الناس، وأن الله خلقهم واصطفاهم لقيادة اليمنيين”.


 
ولهذا، يقول إنهم “غير معنيين بتجويد أسلوبهم لإرضاء الناس، أو خدمة المجتمع؛ فهم يشعرون وفق التكوين النفسي الذي نشأوا عليه، وقفزوا إلى السلطة بموجبه، أن غايتهم هي مقارعة الاستكبار، وخوض معارك الاسترداد والاستحقاق على مستوى اليمن والمنطقة، كمشروع تحرري مرتبط بالإيرانيين”.

ويضيف: لذلك عندما يتحدث الناس عن بطونهم الخاوية، ويطالبون بالمرتبات، فإنهم بنظر الجماعة ماديون وجهلة ومنافقون، وتفسّر مطالبهم بأنها حقد أو بدافع العمالة والنفاق”.

ويفسّر “الجبرني” هذا الأمر بعوامل الوجود والنشأة والتربية والمعتقد كونهم “من عائلات مؤمّنة ماديًا بموجب قانون الخمس (20% من ثروات البلاد)، وتربّوا على فوقيّة تمنعهم من الارتباط بالناس إلا من احتاجوا إليه كمقاتل، أو موالٍ مخلِص يردد أقوالهم، ويتنافس مع أقرانه لاعتماده كموال مثالي”.

تحالفات هشّة

وبشأن النزعة الاقصائية والتوجس من الجميع، يلفت “الجبرني” إلى “التحالفات التي نسجتها الحوثية عام 2014 أثناء اجتياحها للعاصمة صنعاء، سواء مع مكونات كعلي صالح وحزبه، أو مع سياسيين ونشطاء من خلفيات يسارية أو مستقلين أو مشايخ قبائل”. موضحًا أن “75% من تلك التحالفات انفضّت عن الحوثية، وانتقل من كان معها إلى النقيض والجانب المناهض لها”.

والسبب، وفق الجبرني، هو “العنصرية ونزعة الإقصاء وصعوبة الاندماج ضمن التركيبة الحوثية القائمة ومحرّكاتها”. وحتى من بقي معهم، يقول إنهم “آثروا التواري أو القبول بأدوار هامشية بدوافع متعددة”.

وفي ٢٤ أغسطس/آب الماضي، قال صادق أبو رأس، رئيس حزب المؤتمر، شريك الحوثيين بالحكم في صنعاء، إن هناك حكومة موازية تُسيّر الأمور بمناطق سيطرتهم وإن الحكومة المعلنة مجرد ديكور. مضيفًا في كلمته بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب: لا تبنى الأوطان بالاجتماعات الليلية ولا باللقاءات داخل البدروم، وإنما بالشفافية.

صعدة كل شيء

كان لافتًا استحواذ الحوثيين المنتمين لمحافظة صعدة على كل المناصب العليا في الدولة، في مختلف المؤسسات، بما فيهم غير الهاشميين المؤمنين “بمشروع السلالة”.

وبالنظر إلى قائمة الأسماء والمناصب لا تكاد تجد حوثيًا من صعدة بمنصب أدنى من مدير عام. وعمليًا هم ذوي القرار الأول في المؤسسات التي يتواجدون بها، وجميعهم فوق النقد أو المحاسبة مهما كانت أخطاؤهم أو جرائمهم.

وعلى سبيل المثال، عند تفجير عناصر أمنية حوثية لمنازل المواطنين بمدينة رداع على رؤوس ساكنيها في أبريل/نيسان الماضي، لم يمس النقد “عبدالكريم الحوثي“، وزير الداخلية في حكومة الجماعة غير المعترف بها دوليًا، كونه عم زعيم الجماعة ومن صعدة، ولا وكيل الوزارة “علي حسين الحوثي”، كونه أيضًا ابن شقيق زعيم الجماعة ومؤسسها الفعلي.

نموذج للاستحواذ

​​​وتعد وزارة الداخلية، والقطاع الأمني عمومًا، النموذج الأبرز لاستحواذ السلالة والمنطقة، حيث باتت قطاعًا خاصًا بالعناصر الهاشمية المنتمية لمحافظة صعدة، وتحديدًا المنحدرين من منطقة ضحيان، و”أعوانهم”.

ينشر “بران برس“، في هذا التقرير، أسماء ومناصب 26 عنصرًا هاشميًا من صعدة، (مذكورة ضمن الجداول المرفقة بالمادة) يتفرّدون بإدارة وزارة الداخلية وكافة قطاعاتها وأجهزتها ووحداتها الأمنية المختلفة، منهم 8 يشرفون على إدارات الأمن في 8 محافظات خاضعة لسيطرة الجماعة. 

إضافة إلى 5 آخرين من ذات السلالة والمنطقة يديرون ما أسمّى بـ“جهاز الأمن والمخابرات”، والذي أنشأته الجماعة في أغسطس/آب 2019، بعد تفكيكها جهازي الأمن القومي والأمن السياسي، ليكون جهازًا أمنيًا خاصًا بها موجهًا لضرب المجتمع اليمني، ومواجهة أي “تهديدات محتملة” ضدها.

 

نشر :

مواضيع ذات صلة